الكذبة؟ ولماذا لا يكون أحد المتسابقين غيرهم موضوعها؟ ولماذا لا يكون ذلك الأحد صديقا لهم، اشتهر فيهم بالحلم، فيأمنوا عاقبة ما تحدثه الكذبة في صدره؟ واخيرا لماذا لا يتلهون بهذه الاكذوبة ويقطعون بها وبالحديث عنها فترة الانتظار، انتظار النتيجة الممل.
اختمرت الفكرة، لكن بقي أن تصقل بصقل الدهاء، وترتب حوادثها تباعا، ويشذب ما عساه ينتأ فيها من شبه وظنون، ويبعد عنه ما عساه ينبه قوة الملاحظة التي ستغرق في حلم من الاكذوبة لذيذ. .
تولى أحد المتآمرين سرد حوادث الكذبة كما ستقع، وتولى الآخر الاعتراض، وتولى الثالث الرد، وهكذا تبادلوا الاسئلة والاجوبة والنقد والتمحيص، حتى اقر الجميع متانة صقلها، قوة سبكها ثم تعاهدوا على ان يتكاتموا سرها حتى على أنفسهم ليضمنوا لها النجاح والتوفيق.
ابتدأت الخطوة الاولى من التنفيذ بكتابة خطاب إلى هذا الصديق المتسابق بخط صاحب المجلة الزائف، ولكن مع كثير من التقليد، وبخاصة الامضاء. وهذه صورة من الخطاب!
(فلان. . . تحية. . . وبعد فيسر صاحب الامضاء ان يبشركم بالفوز في مضمار المسابقة. والمجلة تهنئكم به، وتطلب اليكم أن ترسلوا صورتكم الشمسية لتصدر بها قصيدتكم المحلية في ميعاد لا يتجاوز ٢٨ الجاري. . والسلام)
الصق الخطاب وكتب عليه عنوان صاحبه، وسلم إلى بريد القطار الذي يؤم القاهرة أو بعبارة أدق وضع في صندوق بريد المحطة طمعاً في ان يصل إلى القاهرة خطأ فتعيده تلك إلى مكتب البريد الذي يوصله إلى صاحبنا، حتى إذا نظر إلى الخطاب لا يشك في انه صادر من موطن المجلة - كلف أحد المتآمرين ان يرقب عن كثب مصير الخطاب حين يصل القطار - تنبه البريد إلى هذه الخطأة فأرسل الخطاب إلى مكتب بريد البلد قبل ان يصفر القطار، وذلك ما لم يكن في حساب المتآمرين؛ وسرعان ما تلافوا ذلك بأن تطوع أحدهم بحمل الخطاب من مكتب البريد إلى حيث توضع خطابات صاحبنا على مكتبه، وتولى حراسته حتى لا ينظر فيه غير صاحبه خشية ان يدرك بوساطة خاتم البريد انه مصدر من البلد نفسه، لانه سينظر إليه بعين فاحصة فتنكشف العصا كما يقولون، لا كما سينظر إليه صاحب الخطاب بعين اللهف على ما فيه. . . هل صاحبنا في وقت تعود فيه أن يتسلم بريده، فأبرقت أسارير جبهته، حين وقعت عينه على ذلك الخطاب، وأنت أدرى