ويمتد هذا الممشى من قصر الشمال إلى قصر الجنوب، وعلى جانبيه نرى هذه التماثيل الكبيرة مستديرة النيل
وبعيداً من ذلك يتراءى غير واضح في الأشعة الوردية أفاريز عليها قرص الشمس الساحر ناشراً جناحيه الواسعين، ورءوس التماثيل الضخمة ذات الهيئة ألوادعة، وزوايا الصروح العالية، والطنوف المنضدة، ومسلات من الجرانيت، ومجموعات من النخيل يتفتح سعفها كأنه باقات من العشب، وقصر الجنوب قد زها بحيطانه العالية الملونة، وسوارية المزينة بالأعلام، وأبوابه المائلة ومسلاته، وقطعان أبي هوله؛ وفضلاً عن هذا كلما امتد الطرف استطاع أن يرى طيبة تمتد بقصورها وكليات كهنتها ومنازلها، ويجد خطوطاً زرقاء ضعيفة، تِشير في نهايات الأفق إلى قمم الأسوار ورءوس الأبواب.
كان ميدان العرض شاسعاً قد مهد بعناية لإبداء العظمة العسكرية، وبه أطوره يجب أن تكون قد استخدم فيها طيلة سنوات عديدة عشرات الأجناس التي قيدت إلى مصر مستعبدة؛ وهذه الأسطورة تكون إطاراً بارزاً لهذا المستطيل العظيم، وخلفها حيطان من اللبن مصنوعة بانحناء، ويقف عليها، على ارتفاعات متفاوتة مئات الآلاف من المصريين الذين يظلون في اضطراب دائم، هذا الاضطراب الذي يميز الجمهور، حتى حين يبدو أنه لا يتحرك، وتلمع في الشمس ملابسهم البيضاء أو المزخرفة بألوان ناصعة.
وخلف هذا النطاق من النظارة تجد العجلات والعربات والهوادج، يحرسها الحوذيون والسائقون والعبيد ولها منظر شعب راجل، فقد كان عددها عظيما جداً، وإن طيبة عجيبة العالم القديم كان بها من السكان ما يربي على بعض الممالك
وكان الرمل المجتمع الدقيق للميدان الواسع المحاط بمليون رأس، يلمع كأنه معدن براق تحت ضوء يسقط من سماء زرقاء، كأنها مينا تماثيل أوزيريس
إلى الجانب الجنوبي من ميدان العرض ينقطع البناء، وينفتح طريق محاذ لسلسة جبال ليبيا، ويمتد إلى بلاد النوبة العليا، وفي الجهة المقابلة ينشق الجدار، ويسمح للطريق أن يستمر حتى قصور رمسيس، عابراً بين الحيطان الضخمة
سمعت من بعيد ضجة عجيبة مبهمة قوية، كضجة البحر، حين يقترب، وغلبت ضوضاء الجماهير. وهكذا يصمت زئير الأسد مواء جماعات ابن آوى. وبعدئذ أخذت تتميز أصوات