الأذواق والأخلاق والعادات هي عناصر الشخصية التي تميز فرداً من فرد وأمة من أمة. وسبيل الغلبة والفلج للذوق الحر تربيته وتقويته. وأقرب الوسائل إلى ذلك التعليم الصحيح والمثل العالي. فإذا عنى القائمون على الثقافة بتعليم اللغة على النحو الذي تعلم به اللغات الأوربية في الغرب، وعرضوا على النشء النماذج العليا من الأدب قديمه وحديثه، ورغبوه في قراءتها بالعرض المشوق والطبع الأنيق والمكافأة الحسنة، رجونا أن تنشأ الأذواق على الصحة وتجرى على الطبع، فتعاف الأدب الرخيص، وتستبشع الأسلوب الغث، وتنكر النقد المزيف. وإذن تنقى رياض الأدب من الحشرات والطفيليات فلا تسمع فيها لغواً ولا تأثيماً ولا شعوذة
إن معلمي اللغة في كل أمة هم وحدهم المسؤولون عن تكوين الذوق السليم والخلق القويم في الناشئ. وإن ما نجده في مصر من فوضى الأخلاق والأذواق لدليل على أن في بعض معلمي العربية ضعفاً في الاستعداد أو نقصاً في الإعداد نضرع إلى القائمين على شؤون التعليم أن يعلموا مخلصين لعلاجه. وما نظن (الدراسة العليا) التي فرضت على بعضهم في هذا العام هي وحدها الدواء الناجع في هذا العلاج.