فقلت: إن المدرسين يوجبون حذف (الفوطة) وإثبات (القطيلة)
فقال: وما القطيلة؟
فقلت: هي كلمة يعرفها المدرسون ويجهلها وزير المعارف، مع أنه من كتاب الطبقة الأولى في اللغة العربية
ثم قلت: يوجد مؤلف كبير اسمه ابن الفوطي بالفاء، والجرائد تجهل اسمه فتسميه ابن القوطي بالقاف
فما الذي يوجب الحذلقة بتسمية الفوطة منشفة أو قطيلة؟
مهدوا الطريق للألفاظ الحية، واتركوا الألفاظ الميتة، فما يموت لفظ إلا بعد العجز عن البقاء
السبب السادس هو الهيام بتجميل الموضوعات بالباطل حيثما وقعت، فملعب الكرة فرش بالبساط السندسي، مع أن الأفضل أن يفرش بنبات النجيل. . . والحديقة يجب أن توصف بأنها غناء، ولو كانت فوق سطح البيت. وتحت يدي وثيقة تشهد بأن سطح الفندق الفلاني في المدينة الفلانية وصف بالفرنسية مرة وبالعربية مرة فقيل بالفرنسية إنه منظر يرى به الناظر جميع الآفاق، وقيل بالعربية إنه حديقة غناء، مع أنه لا يتسع لغير شجيرات محبوسة في زهريات!
ثم ماذا؟. . . عندي كلام كثير في العوائق الذي تصد التلاميذ عن إجادة الإنشاء، وأنا أكتب مقالاً لا كتاباً، فمن الواجب أن أكتفي بالتلاميح
وأنا أختم هذا المقال بالحقيقة الآتية:
هل يوجد مدرس يراقب ما يقرأ التلاميذ من الجرائد والمجلات ليجعل موضوعات الإنشاء في حدود المشكلات التي تثيرها تلك القراءات؟
أسمعوا، ثم اسمعوا
الإنشاء ليس تمريناً على إضافة لفظ إلى لفظ، وإنما هو رياضة ذهنية يراد بها تقوية المواهب الروحية والذوقية والعقلية
اخلقوا الشوق إلى الإنشاء بأن تقترحوا على التلاميذ موضوعات يحبون أن يكتبوا فيها. خاطبوهم بأذواقهم لا بأذواقكم وأدعوهم إلى أن يكشفوا من سرائر الحياة ما تجهلون، فهم