لم تتعود إيرادها في أي مما كتبت، ولكن ما حيلتك وأنت تريد أن تكتب حقاً. ثم ما حيلتك وقد لقيت شهرزاد هذا ذاك الرواج الذي لقيت بين جمهور القراء فهبطت بهم ولم تعل، واشتركت العوامل التي أوشكت أن تفسد الاتجاه الأدبي في نهضة هذا الأدب، إن لم تكن قد أفسدت بالفعل. فإذا جاء كاتب أب. . . كاتب له زوج وأبناء وبيت ليكتب عن شهرزاد كتاباً جديداً يدفع به تلك الوصمة التي أخجلت، وينبغي أن تخجل الأمهات والأخوات والزوجات، إذا جاء هذا الكاتب ليكتب ذلك الكتاب، هب الخراصون يتفيهقون ويقولون إنه إنما سرق، وإنه إنما سوغ لنفسه أن يدعي لنفسه ما لغيره، وأن يعيث فساداً في بستان أخيه، وأن ينفش في زرعه؟ ولماذا؟ لأن عبارة أو عبارتين اتفقتا في الكتابين، وتواردتا في القصتين! ناسين أن الكتابين قد اشتركا في مصاحبة شهرزاد في قصرها المسحور، فكتبا عنها كتاباً يترجم عن فهما، ويشرح طريقتهما، ويحكم لأحدهما وعلى الآخر، ويتناول بالتفسير ما ذهبنا إليه من عناصر تلك القضية. ما هذا؟ كيف يفهم هؤلاء الأدب؟ أيكفي أن يقرءوا القصة من القصص في سيارة أو عربة ترام ليصدروا عنها حكمهم وهم يهزلون؟! لا. لا. . . ينبغي عليهم أولاً أن يفهموا أن الذي بين صاحب شهرزاد وصاحب أحلام شهرزاد، مختلف جداً. فأحدهما مشرق والآخر مغرب، وأحدهما يرمي إلى غرض يهدف الآخر إلى ضده. أحدهما يعد المرأة شهوة تفسد كل شئ. المرأة عند أحدهما شيطان مريد، وعند الثاني ملاك بار رحيم. فليفهم الخراصون قضية الكاتبين على هذا النحو. ثم ليقرءوا القصتين من جديد على هذا النور الجديد. ليضعوا عناصر القضية مرتبة أمام بصائرهم. ليقرءوا شهرزاد أولاً، ثم ليقرءوا القصر المسحور ثانياً، ثم ليقرءوا أحلام شهرزاد بعد ذلك، وليذكروا من هو كاتب شهرزاد وما مزاجه في المرأة، وما رأيه الذي يفرق به بين جسدها وبين روحها، وليذكروا، مالا يني يكتبه عنها، وما يفخر دائماً أنه مذهبه في كل ما يتعلق بها. ثم ليذكروا من هو كاتب أحلامها وما طريقته في الأدب، وما رأيه في المرأة، وماذا كتب وما يزال يكتب عنها
ليفعلوا هذا، أو فلينتظروا حتى نعرض لهم كل ذلك.
قالت فاتنة:(أكتب ذلك يا صديقي عني، فقد آن أن تجد المرأة من ينافح عنها، ويكافح في سبيلها.)