وفى كل عربة يجلس بجانب كل أمير حوذي مكلف بأن يقود العربة في أثناء المعركة، وتابع يحمل سلاحاً، وهو مكلف بأن يدفع بالترس الضربات الموجهة إلى الأمير المحارب عندما يكون هذا رامياً بالسهام، أو مهيئاً الحراب التي يأخذها من الكنانة الجانبية
عقب الأمراء تأتي عربات الفرسان المصريين، وعددهم عشرون ألفاً، كل ثلاثة في عربة يجرها حصانان، وتتقدم العربات عشرة عشرة، وتكاد أقطاب عجلاتها تتماس، ولكنها لا تحتك أبداً، لأن مهارة الحوذيين عظيمة.
بعض العربات خفيف خصص للمناوشات والاستطلاع، ويسير في المقدمة، ولا يحمل إلا محارباً واحداً، ولكي تكون يداه حرتين في أثناء المعركة يلف زمام عربته حول جسمه، ويجذبه إلى اليمين أو إلى الشمال، أو إلى الخلف، ليدفع أو يوقف حصنه، وعجيب جداً أن ترى هذه الحيوانات النبيلة التي تبدو كأنها متروكة لنفسها تحفظ في سيرها اتجاهاً منتظماً لا يتزعزع
مشي الخيل المكبوحه بعنف، وضوضاء العجلات ذات الإطار البرنزي، وقعقعة الأسلحة المعدنية منحت هذا العرض شيئاً من الوقار والخوف، حتى ليقذف الرعب في اكثر القلوب بسالة؛ والقبعات والريش والتروس، والأدرع المزينة بفلوس خضراء وحمراء وصفراء، والأقواس المذهبة والسهام النحاسية، تضئ وتلمع مخيفة في ضوء الشمس الساطعة في كبد السماء فوق سلسلة الجبال الليبية، كأنها عين كبيرة لأوزيريس - كل ذلك يشعر أن مثل هذا الجيش يجب أن يمحو الأقطار أمامه إذا اصطدمت به، كعاصفة تطرد أمامها عوداً من التبن ضعيفاً.
تحت هذه العجلات التي لا عد لها، ترن الأرض وترتجف خفية كأن ظاهرة طبيعية تحركها
بعد العربات تأتي كتائب المشاة سائرين في نظام، يحملون تروسهم في اليد اليسرى ويحمل بعضهم في اليد اليمنى رمحا، وبعضهم قوساً، وطائفة نبالاً، والأخرى أفؤساً؛ ويلبس هؤلاء الجند على رءوسهم خوذات يزينها ضفيرتان من شعر الخيل، وأجسامهم مشدودة بدروع من جلد التماسيح
عدم التأثر الذي يلوح على هؤلاء الجند، والنظام التام في حركاتهم، ولونهم النحاسي الداكن