للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد معركة الأرمادا بثلاثة أعوام حدثت موقعة الآزور (أغسطس ١٥٩١م) التي سجلت للإنجليز صفحة خالدة من البطولة في عالم البحار.

فقد صارعت فيها سفينة واحدة صغيرة، ثلاثاً وخمسين سفينة إسبانية كاملة العُدة والعدد، في ملحمة استمرت خمس عشرة ساعة لا يعتورها فتور.

وقد أوحى هذا الحادث إلى كتّاب الإنجليز وشعرائهم قديماً وحديثاً، بما لا تستوعبه المجلدات الضخمة من فائق المنثور ورائع المنظوم.

ومن أشهر من كتب في ذلك: السير والتر رالي (١٥٥٢ - ١٦١٨م)؛ وجيمس أنتوني فرويد (١٨١٨ - ١٨٩٤)؛ وروبرت لويس ستيفنسون (١٨٥٠ - ١٨٩٤)، ثم شاعر التاج لورد آلفرد تنيسون (١٨٠٩ - ١٨٩٢) ونحن نترجم هنا قصيدة هذا الأخير التي نظمها بعنوان (: الانتقام) - وهو اسم السفينة التي أبلت هذا البلاء - مجتزئين بتفاصيل القصيدة الرائعة عن الإفاضة في هذه المقدمة أكثر مما أفضنا؛ معتمدين - في إيضاح بعض الحقائق فقط - على ما أورده الكتّاب الثلاثة الذين أشرنا إليهم، ولا سيما أولهم: والتر رالي، فهو من معاصري السير ريتشارد جرانفيل بطل المعركة، بل هو أحد مواطنيه من إقليم ديفون، وذوي قرابته الأدنين. . .

ترجمة القصيدة

كان السير رتشارد جرانفل مرفئاً بسفينته إلى جُدَّة من جدد شاطئ الفلورز إحدى جزر الخالدات، عندما أقبل زورق ذو مجاديف يهوى من بعيد كأنه الطائر يُزف بجناحيه. وارتفع صوت من داخله يقول: السفن الحربية الأسبانية تمخر العباب. . . لقد رأينا منها ثلاثاً وخمسين!

فهتف لورد توماس هُوارد قائلاً:

ليشهد الله أني لست بالجبان، ولكني لا أستطيع أن ألقاهم على هذه الحال، فأسطولي على غير أهبة، ونصف رجالي قد نهكتهم العلل. حقيقٌ بي أن أعرِّد عن لقائهم ولكن لأقتفي آثارهم في أقرب حين. . . إن لدينا ستا من السفن المقاتلة، فهل نستطيع أن نناجز بها ثلاثاً وخمسين؟

عندئذ تكلم سير رتشارد جرانفيل قائلاً: أعرف أنك لست بالضَّرَع ولا الجبان، وأنك لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>