للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت الجن تشفق من مظاهرته فيها فكنا نشرع للذود عنه أقلام الملائكة في أوجه الطغاة. ولولا أن شيئاً مما كتبناه في ذلك لا يصح أن ينشر اليوم، لأن الفتنة نامت، والقلوب صلحت. لأذعته عليك. . ولكنه هنا. . . تحت يدك. . . فإن شئت أطلعتك عليه. . . على أن رأيك في الأستاذ طه رأي فج فطير، وأنا أعرف به منك. وأنا ما كتبت الذي كتبت إلا وأنا عالم بأني مستثير سخطه، بل منته إلى تبرمه. على أنه سواء عندي أسخط أم رضي، فقد أصبحت قضية اليوم قضية الأخلاق وقضية الأدب في وقت معاً. ولما كنت لا أحسن التسلق على أكتاف الأبطال كما تعود أناس آخرون. فسيان عندي إن عملت تحت رئاسة المستشار الفني، أو تحت رئاسة أحد نظار المدارس الأميرية كسابق عهدي. وإن لي لقلماً وإن لي لآثاراً تغنيني عن التشبث بهذه المظاهر الجوفاء، ورغم أنف من رغم.

دريني خشبة

تأييد الاسكندر من السماء عند اليهود

اختلف المؤرخون في ديانة الإسكندر اختلافاً كبيراً، وعندي أن أسوأ تقدير في ديانته لا يمنع أن يكون هو ذا القرنين المذكور في القرآن الكريم، لأنه بقطع النظر عن ديانته كان فاتحاً عظيماً. وقد ابتدأ به التاريخ عهداً جديداً في سير الفاتحين، فلم تكن فتوحه كفتوح الملوك قبله، إذ كانوا جميعاً يدمرون البلاد، ويهلكون الأمم (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة) أما الإسكندر فكان كلما فتح مملكة أسس فيها وجدد، وبنى وشيد، وأوجد وسائل العمران، وأحيا قلوب أهالي البلدان. وكان يرمي بفتوحه إلى غرض عظيم، وهو أن يجعل من شعوب الأرض أمة واحدة لا فرق فيها بين شعب وشعب، وقد ألف بهذا بين الشعوب الأوربية والأسيوية ومزج بعضها ببعض، فتعرف كل فريق روح الآخر في العلم والحكمة والعادات والأخلاق، ونشأ من ذلك حضارة جديدة أرقى من الحضارات التي سبقتها، ومثل هذا يستحق التنويه بقطع النظر عن دولة صاحبه، ولا شيء في أن ينوه القرآن الكريم به.

ومن المهم هنا أن نبين رأي اليهود الذين سألوا عن ذي القرنين في ديانة الإسكندر، فقد ذكروا أنه لما قصد أورشليم لفتحها سار في بعض الطرق فرأى رجلاً بهيَّا لابساً ثياباً

<<  <  ج:
ص:  >  >>