بيضاً، وبيده سيف مثل البرق اللامع، وهو يشير به إليه كأنه يريد قتله، ففزع منه وعلم أنه ملاك مرسل من الله تعالى، فسقط على وجهه وسجد، وقال: يا سيدي لماذا تقتل عبدك؟ فقال: لأنك تريد أن تمضي إلى القدس لتهلك كهنة الله وأمته، وأنا الملاك الذي أرسلني الله لنصرتك على الملوك والأمم. فقال الإسكندر: يا سيدي، أغفر لعبدك فقد أخطأت، وإن كنت لا تشاء أن أسير في طريقي فإني أعود إلى بلادي. فقال له: أما وقد استغفرت عن مآثمك فلا ترجع، وإذا وصلت إلى أورشليم ورأيت رجلاً على صورتي، فانزل عن فرسك واسجد له، واقبل جميع ما يأمرك به. فمضى الإسكندر في طريقه إلى أورشليم، ولما وصل إليها قابله كاهنها على صورة ذلك الملاك، فنزل الإسكندر عن فرسه وسجد له وسلم عليه وعظمه؛ وحمل إلى بيت الله مالاً كثيراً، ثم سأل الكاهن أن يتوسل إلى الله فيما عزم عليه من محاربة داريوس ملك الفرس، فقال له: أيها الملك، امض في طريقك فإن الله معك، وهو يظفرك بداريوس ومملكته. وقد سار الإسكندر بعد ذلك في فتوحه إلى أن ملك أقاليم الدنيا السبعة (تاريخ يوسيفوس ص٢٦ - ٣٨)
فالإسكندر عند اليهود كان ملكاً يشبه أن يكون نبياً، وقد جاب الدنيا غرباً وشرقاً حتى ملك أقاليمها السبعة، ولا شك أن هذا يتفق كل الاتفاق مع الشخص الذي ذكره اليهود في سؤالهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ويتفق كل الاتفاق مع ما جاء عن ذي القرنين في القرآن الكريم، وهكذا نجد الاتفاق بينهما قريباً على أي وجه فرضناه، ولست أرى بعد ذلك وجهاً لإعادة الكلام فيه.
عبد المتعال الصعيدي
حول ذكرى السيد جمال الدين
أشكر للأستاذ محمود أبو رية ما نوه عني في بريد (الرسالة) بيد أني لا أتفق معه فيما ذهب إليه وسماه رعاية لحرمة الأمانة العلمية. ذلك لأني لست من تلامذة الفيلسوف (جمال الدين) - وليتني كنت منهم - وإنما حز في نفسي أن ينسى الشرقيون عباقرتهم في سرعة مخزية، فذكرتهم علهم يذكرون، وعرضت عليهم صورة قبست خطوطها مما قال عنه معاصروه، ونسيت - وهذا يؤسف حقَّا - أن أذكر المرجع الذي عنه أخذت.