للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومفروض أنه كان بين يدي المؤلف بعض ما كتبه عن (سليمان الحكيم) في الفرنسية الفيلسوف (رينان)، وبخاصة ما كتبه عن (نشيد الإنشاد) نشيد الحب والربيع والشباب وهو من نظم سليمان

هذه هي الخامات التي كانت بين يدي توفيق الحكيم. فلننظر كيف استخدمها في تمثيليته

لقد انتفع بالمصادر الثلاثة على السواء، وزاوج بينها، وفسرها وأضاف إليها بحرية كاملة، وهذه الحرية معترف بها للفنان الروائي بلا جدال

فهو قد اختار أن يكون سليمان نبياً كما جاء في القرآن، وملكاً كما جاء في التوراة. وقد جاءته الخطيئة الدينية - في التوراة - من جانب المرأة، فجعلها توفيق تجيئه من ناحية المرأة أيضاً ولكنها خطيئة إنسانية لا دينية. واختارت له التوراة غضب الله وانتزاع الملك، ولكن المؤلف اختار له أن يتوب عن خطيئته وأن يقاسي عذاب ضميره

وقد أثار بين الملك والإنسانية، وبين الحكمة والنبوة، في نفس سليمان صراعاً نفسياً عنيفاً. فتغلب الملك أو تغلب الإنسان فيه عند القدرة وبدافع الرغبة، وتغلبت الحكمة أو تغلب النبي فيه عند الاصطدام وبدافع اليأس

وبعض تفاسير القرآن زوّج (بلقيس) من أحد الأمراء، ولكن المؤلف جعلها تعلق بحب هذا الأمير، وجعله يعلق بحب وصيفتها (شهباء)!

ثم استعار من ألف ليلة وليلة أحد عفاريتها وأحد صياديها. ولكنه استعارهما ليشيع الجو الأسطوري في التمثيلية من ناحية، وليستخدمها في الصراع بين الخير والشر، وبين الضمير والشهوة، من ناحية أخرى؛ وليرمز بها إلى التكامل والتصارع في نفس الإنسان الواحد من ناحية ثالثة

ومن هذه الخامات حاول أن ينشئ تمثيلية تعالج الصراع الأبدي بين الخير والشر وبين الضمير والرغبة - وتهدف مع هذا الصراع إلى الاتجاهات التالية:

١ - تغليب الجانب الإنساني على الجانب المقدس في نفس النبي. . . سليمان!

٢ - قداسة القلب الإنساني في الحب والسخرية بجميع قوى الأرض أمام هذه القداسة

٣ - الجحود والوفاء والخير والشر، واجتماعهما في الحب الإنساني جنباً إلى جنب

٤ - رفع الستار عن بعض القداسات، وغمزات للكهان وأشباه الكهان

<<  <  ج:
ص:  >  >>