أيتها السيدة الفاضلة: بالله عليك، تكلمي وحدثينا، هل كان الأجدر بنا أن نبقى على القديم. . . وهل نحن أفلحنا في الانتقال من القديم إلى الجديد؟. . . وهل نحن حقاً في بداية عصر جميل جديد؟. . . أم لا تزال هناك بعض الشوائب علقت بهذا الجديد فشوهت جماله؟
لا شك أننا قد خطونا في تقدمنا نحو الجديد بخطى واسعة وأنه قد آن لنا أن نحد من سرعة هذا التقدم، فنعمل على تقوية أخلاقنا وتقويمها ونشجع البحث العلمي الصحيح ونشر الآداب والعلوم على شرط أن نعاقب على السرقات الأدبية والعلمية، ونطهر مصالحنا العامة من (أدوات الحكم) الماضي. حقاً سيدتي! إنني أعرف رئيساً في مصلحة حكومية، يحكم فيها - بدون لائحة داخلية أم نظام للعمل - حكما دكتاتورياً، في وقت تحارب فيه الدكتاتورية، ويفخر بأن له ٣٢ سنة خدمة في هذه المصلحة، مع أنه لم يحصل في أثناء هذه المدة الطويلة على شهادة دراسية من أي نوع كان، ولم يؤلف خلالها أي بحث علمي أو مقال صغير، بالرغم من أن هذه المصلحة يجب أن تكون في صفوف المعاهد العلمية الراقية. ولي صديق عزيز طبع في كل شيء على نقيض هذا (الرئيس)؛ فهو متعلم وله أبحاث علمية وذو خلق قويم مع عفة نفس وشهامة وترفع عن إيذاء مرءوسيه. وشاء حظ هذا الصديق أن يشتغل في هذه المصلحة؛ فما قولك يا سيدتي في أن هذا (الرئيس) يغار من صديقي ويحاول أن يحقر من شأنه ويحول دون مواصلته أبحاثه العلمية ولا يدع له أي مجال لإظهار كفاءته ومقدرته على العمل، ولا يراعي في ذلك الصالح العام. وقد بلغ السفه بهذا (الرئيس) أن سب مصور هذه المصلحة ورماه بالسخف لأنه التقط صورة صديقي إلى جانب كبير من أكبر كبراء البلد! مع أن صديقي قام بالواجب نحو هذا الكبير ولم يشعره بكثرة تغيب الرئيس عن أعمال مصلحته وعدم محافظته على مواعيد العمل بها
هذه يا سيدتي الفاضلة حالة تكاد تكون فردية، أرجو ألا يكون لها أو لأمثالها أي اعتبار لديك إذا تفضلت ودونت مذكراتك عن مصر. وإنني أرى أن نهدم هذه البقية الباقية من فترة الانتقال هدماً لا قيام لها من بعده، قبل أن نتابع طريقنا نحو الجديد الجميل!. . .