من نخوة أسبانيا، وطأطأ من إشرافها بما تحدى به أسطولها الضخم من فلك صغير وشرذمة من الرجال قلائل. . . أشيطاناً كان هذا أم إنساناً؟. . . لقد كان الشيطان بعينه من أية وجهة نظروا إليه. على أنهم احتفلوا بإيداع جثمانه اليم احتفالاً ملؤه التجلة والتكريم. ثم احتلوا:(الانتقام) بشرذمة من بحارتهم ذوي السحن الغريبة والوجوه السمراء. واستأنفت السفينة رحلتها في رفقة ضحاياها، وهي تكابد غصص الآلام من مواجعها الخاصة غب المعركة الرهيبة
وما أسرع ما نهضت الرياح من غفوتها، وهبت عليهم بحفلات من قبَل الأرض التي اعتبدوا أهلها وعاثوا في أرجامها مفسدين
وبدأ اليم يرغي ويزبد والسماء تئن وتزمجر، فما أسدل الليل ستوره إلا والقواصف العاتية تجتاح البحر من كل جهة؛ والموج يتدفع حول السفن كأنما تركه أيدي الزلازل، ويتدفق على جوانبها وأشرعتها، فلا ينحسر منها إلا عن دوقل مصدوع أو علم منزوع
ثم استجمع البحر قواه وعطف على الأسطول الذي أوهنت من تجلده القذائف فلفه في أحضانه
أما سفينتنا (الانتقام) فقد غاصت بدورها إلى جانب إحدى الرضام القوابع تحت الماء، مودعة حياتها إلى الأبد في أعماق هذا الخضم الجياش.