ومصر التي هدت الإنسانية إلى حقائق لم يعرفها الغرب إلا بعد أجيال وأجيال ستظل على الدهر وطن الابتكار والابتداع في أكثر الميادين. وهل نطق ناطق بحقيقة علمية أو أدبية أو فلسفية إلا وهو مدين لآبائنا الأولين؟
عنا أُخذ الكفر وعنا أُخذ الإيمان، فما كفر كافر ولا آمن مؤمن بدون أن يكون لنا في عقله وقلبه ديون ثقال
وهل يعرف أحد كيف كفر المصريون في طفولة التاريخ؟
لقد فكروا في محاربة السماء، ليبددوا الوهم القائل بوجود السماء، وأين السماء التي يقيم بها الله، كما كان يقال؟
مصر من صُنع الله، والله لا يصنع غير الحقائق الأزلية، وسيشقى من يشقى في محاربة مصر، ثم تبقى إلى الأبد وهي غرة في جبين الوجود
ما أسعد من يرى مصر أول مرة وهو سليم القلب والوجدان!
إن رؤية مصر في كل صباح وفي كل مساء وعلى طول السنين لم تزهدنا في مرآها الجميل، فكيف تكون الانفعالات النفسية في صدر من يراها لأول عهده بقلبها الخفاق؟
وأنا مع هذا أعاني في رحابك يا وطني ما أعاني، فمتى يخف شقائي بك وعتابي عليك؟
أنا أطلب المستحيل إن طلبت في رحابك الأمان كل الأمان، لأنه حظ الأموات، ونحن أحياء
لك يا وطني أن تبدع ما تبدع من تهاويل الحقائق والأباطيل، وعلينا أن نجاري روحك المبدع فنكون من أقطاب الشعر والبيان.