هذا الوجود! وأما قول المسيح عليه السلام:(ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله) فقد قصد به ما قصد إليه الرسول الكريم حين قال: (اللهم توفني فقيراً ولا توفني غنياً واحشرني في زمرة المساكين) فقد قصد المسيح أن يحض الأغنياء على عمل الخير، كما قصد الرسول أن يخفف ألم الفقير في نفوس الفقراء - وليس يعقل أن الرسولين الكريمين كانا يريدان انتشار الفقر في العالم وتحكم الفاقة في الوجود
٧ - أما هذه الثورة على أوربا، التي هي جميلة رشيقة ذكية، لكنها خفيفة أنانية لا يعنيها إلا نفسها واستعبادها غيرها، فهي ثورة أحدثتها في نفس النكسة التي جرها عليه غرامه الخائب، فلو أنه نجح في هذا الحب، لكانت أوربا في نظره شيئاً آخر
٨ - ولست أدري ما هذا الذي انزلق إليه الأستاذ الحكيم - في معرض الطعن على أوربا - من القذف في حضارتها، وفي ضرورة ما تراه أوربا من وجوب نشر التعليم ومحاربة الأمية والإزراء على الديمقراطية؟ ما هذا؟ أيريد أن يظل جمهور العالم جاهلاً لا يقرأ ولا يكتب؟ أيريد لهذا الجمهور أن يظل مسكيناً ذليلاً مستعبداً؟ أيريد أن يقوم الطغاة في كل فج يسيمون الجماهير سوء العذاب مما نرى أثره في ألمانيا وإيطاليا واليابان؟
ولكن، لا علينا من ذلك فليس من أجله كتبنا هذا المقال فهذه المقتطفات التي أثبتناها هنا تدل على أن الأستاذ الحكيم هو في (عصفور من الشرق) كما كان في (شهرزاد) من حيث رأيه في المرأة ومن حيث عداوته لها. . . ومن حيث أنها ملك مشاع للجميع، ويكذب من يقول بوفائها وعفافها وإخلاصها لرجل بعينه وإن يكن هذا الرجل هو زوجها؛ فهي حلم يحيا فيه. الآخرون. . . وأن وقوعها بين ذراعي أي إنسان مسألة بسيطة لا تحتاج إلى وقت وخيالات وتأملات وأن التفاحة هي التفاحة. . . تفاحة أرض جديدة. . . تفاحة الأرض. . . حلوة. . . ولكن داخلها الدود، وأن شخصية شهريار الدموي الفظيع الناقم كانت دائماً تتقمص روح الحكيم كلما أبطأت عليه حبيبته فيراها فيما يرى النائم وهي تقبل شاباً زنجياً تلك القبلات الملتهبة فينهض منزعجاً مضطرباً يود لو يمزق جسدها بأسنانه. . . ولست أدري إن لم يكن مؤلف شهرزاد هو نفسه مؤلف عصفور من الشرق قلباً وقالباً كما يقولون فلماذا ساورته أشباح العبيد الغلاظ والزنوج الذين يقبلون تلك القبلات الملتهبة وهو كان يحب في باريس. . . باريس اللعوب المفتان. . . ولم يكن يحب في جزائر واق