فهل رأيت إلى شهريار الدموي كيف يتنبه في أعماق محسن؟ ومحسن هنا هو الأخ الكريم الأستاذ توفيق كما لا يخفى. . . توفيق الشاك الذي تملأ رأسه أشباح العبيد والزنوج وقبلاتهم الملتهبة، وغدر شهرزاد التي لا تشبع من عبدها ولا تريد أن تشبع منه. . . وهل رأيت كيف ينهض شبحه (محسن) منزعجاً مضطرباً يود لو يمزق جسد سوزي بأسنانه؟!
٥ - وقصة الملكة سميراميس التي هي صورة فاجرة من صور شهرزاد الآثمة التي تخيلها الأستاذ الحكيم:(يوم دعت أسيرها إلى ليلة من ليالي النعيم، مهدت فيها الفرش، وأقيمت الموائد. . . وتلاقت الشفاه. . . إلى أن لاح الصباح، فتغير وجه الملكة الجميل، ووضع الأسير في الأغلال، ومشى به إلى الموت، وهو ذاهل ما زالت في رأسه بقية من نشوة الليل. . .،. . .، ولكن ملكات العصر الحديث يفعلن بأسراهم غير ذلك. كل شيء عندهن مستتر مقنَّع (فهي) تضع على وجهها ذلك القناع الحريري الأسود الذي يلبس في المساخر. . . إلى آخر المهزلة. . . . . .
٦ - ثم إليك هذه النفس السوداء المريضة المتشائمة:(. . . لا ينبغي أن نبني شيئاً جميلاً فوق هذه الأرض!! هذه الأرض المتغيرة المتحركة برمالها ومائها وهوائها!!
ويرى بعد ذلك أن يكون البشر جميعاً في كل زمان ومكان زهاداً كزُهاد الهنود، زهاداً مضعوفين مسلولين لا يذوقون إلا حبات من الأرزكي تصفو نفوسهم وترتفع إلى الملأ الأعلى. . . يريد أن يكون الناس كلهم - أو المصريون على الأقل - من (مقاطيع السيدة زينب)! لأن مقاطيع (الست) وحدهم هم المتصلون بالسماء. . . والفضل في ذلك لروح الزهد والتقشف والفول (النابت!!)
ولن يصغي شرقي واحد إلى الأستاذ الحكيم؛ فقد شبع الشرق من الفقر وما جرته عليه فلسفة الفقر والقناعة والتقشف من قبول الذل والخنوع وموت روح المقاومة التي لا توجد إلا في الأقوياء بدناً وروحاً في وقت معاً. . . وديننا الحنيف هو دين القوة الذي لا يعرف الرهبانية ولا التصوف الهندي الذميم، وهو الدين الذي أحل لنا مناعم الحياة حلالاً طيباً، وفرض الإفطار على الصائم المحارب كما حرم الجوع الذي يضر الجسم، وقام على محاربة الفقر بإطعام الطعام على حب الله من أوسط ما يطعم الناس وبالزكاة والتعاون المنظم الذي يمحق الفاقة، ولا يأذن لمقطوع واحد من (مقاطيع) الست الطاهرة بالوجود في