- أصبت، أرى الآن أني على خطأ، ما الذي يعنيني من أمر حياتك أنت؟ ما أنت إلا (حلم) يحيا فيه. . . الآخرون. . .
- ومن هم الآخرون؟
قالتها في ابتسامة ذات معنى، وأناملها تعبث بصفحات كتاب. . .
٢ - ولما فاز محسن بالوصول إلى فتاته وأخبر صديقه الفرنسي (أندريه) بذلك، ابتسم الفرنسي وقال له:
- أرأيت أنها فتاة ككل الفتيات، وعاملة كآلاف العاملات؟ تلك التي أسكنتها قصراً من قصور ألف ليلة وليلة، وجعلتها تنظر من عليائها إلى مواكب الناس المتدفقة تحت شباكها، آه أيها الصديق، اقتنعت الآن أن الأمر أقل خطراً مما كنت تتصور، وأن وقوع امرأة بين ذراعيك مسألة بسيطة لا تحتاج إلى كل هذا الوقت، ولا إلى كل هذه الخيالات والتأملات؟
فأحس الفتى إحساس من يهوى إلى الأرض، وكأن قيم الأشياء في نظره قد تضاءلت، وكأن الحياة نفسها قد تجردت من غطائها فبدت كتمثال مصبوب من السخف. وشعر محسن بفراغ في مادة نفسه لا يدري بعد اليوم ماذا يملؤه. .
(حدث هذا والحب في إبانه قبل أن يقع ما فصل بينهما)
٣ - وانظر إلى هذه الروح المتجهمة في العبارة التالية:
التفاحة هي التفاحة، ولكنها تفاحة أرض جديدة! تفاحة الأرض. . . حلوة لكن داخلها الدود! (والعياذ بالله!)
٤ - ويقول بعد ذلك في الصحيفة نفسها:
(ولم يكن محسن يطيق إبطاء سوزي خمس دقائق عن موعدها، ولم يكن يحتمل رؤيتها تبتسم لأحد معارفها وهي تحني رأسها بالتحية، ولم يعد يرى صورتها في أحلامه ممتزجة بأنغام الأنترمتزو - و - رقصة الفراندول، ولكنه يراها في نومه تعانق رئيسها هنري الذي عرف منها بعض أخباره، أو يراها تقبل شاباً زنجياً تلك القبلات الملتهبة، فينهض منزعجاً مضطرباً يود لو يمزق جسدها بأسنانه!!)