أنهم يبدلون الهمزة المتحركة عيناً، وأما توب بالتاء فهو من تحريف العامة، ولكن لا لأنه إبدال غير قياسي فحسب، بل لأنه لم ينقل عن العرب، ولو نقل عنهم لقبل، فقد ورد في اللغة تاب إلى الله وثاب إليه بمعنى واحد لتقارب مخرجي التاء والثاء، ولكنهم لم يقولوا في ثوب لما يلبس: توب بالتاء لئلا يلتبس بتوب مصدر تاب بالتاء المثناة. بهذا ظهر أن ما جعله عامياً برأيه الجديد، عربي صحيح، وأن قواعد الصرف جُعلت لضبط الكثير المسموع من كلام العرب، لا للتحكم في اللغة بجعلها كلها خاضعة لهذه القواعد. ولذلك ورد الشاذ والنادر مما لم يمكن ضبطه بقاعدة
ومثل لما هو عربي صحيح بقول العامة: تِرمس (بكسر التاء)، وقولهم: حُصان (بضم الحاء)، وقولهم: معدَن (بفتح الدال)؛ لأن هذا كله لم يخالف قاعدة من قواعد العربية. وذلك أوغل في الفساد من سابقه، لأنه إذا جاز للعامي أن يقول في حِصان بكسر الحاء: حصان بضمها، جاز أيضاً أن يقول: حَصان بفتح الحاء؛ لأنه على أصلك الذي جريت عليه على وزان (غزال). وفي ذلك خلط بين الأبنية العربية
نعم إن كسر التاء في لفظ ترمس ونحوه لا ينشأ عنه اختلاط في الأبنية ولا تأثير في المعنى، ولكننا إذا فتحنا هذا الباب على مصراعيه للعاميّ، تجرأ على التحريف في ضبط سائر المفردات حتى المتواتر منها.
وهاهنا ملاحظة جديرة بالنظر، وهي أن حضرة الكاتب ترك التمثيل لما يميز فيه بين اللفظ العربي والعامي بقواعد النحو والبلاغة. ويغلب على ظني أنه لا وجود لشيء من ذلك إلا في مخيلة الكاتب!
عبد الحميد عنتر
أستاذ بكلية اللغة العربية
نزول عيسى
تنشر (الرسالة) ابتداء من العدد المقبل إن شاء الله بحثاً في نزول عيسى يرد به فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ محمود شلتوت عضو جماعة كبار العلماء على الشبه التي أثارها بعض الناس على فتواه السابقة التي نشرت بالعدد (٤٦٢) من الرسالة فنلفت إلى ذلك