للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقها من الثناء وإن شط بها الطريق على غير ما أراد صاحبها، وعلى غير ما يستطيع أن يريد

قاسم أمين قد رأى خطأ فنبه إليه

ويكفي أن يثبت الخطأ ليثبت الفضل في التنبيه إليه. ثم يكفي أن يكون التنبيه إليه شجاعة وتضحية ومجازفة بالمصير ليغنم صاحبه منا حمد الشجاع المقدم على التضحية في سبيل الخير والفلاح، ثم لا عليه بعد ذلك من الخطأ الآخر الذي جاءت به الحوادث ولا جناح عليه فيه

مثل قاسم أمين في دعوته إلى تحرير المرأة مثل محام فاضل غيور على حقوق الناس رأى إنساناً يساق إلى السجن بغير جريرة معروفة وبغير حجة مشروعة يقبلها القانون؛ فغضب المحامي الفاضل الغيور على الحقوق غضبة الكرامة الإنسانية، وجهد في إطلاق ذلك السجين جهده المستطاع، وبر بذمة القانون وذمة الصناعة وهو يخرجه من السجن ويسلمه إلى الطريق الطليق. ثم دهم الترام ذلك السجين المظلوم على مدى خطوات من سجنه فمات؛ أو بدا له أن يعرج على حانة فيذهل عن صوابه ويعتدي على بريء أو يصاب بما يسقمه ويضنيه

هو لو بقي في السجن لما قتله الترام، ولا وصلت يده إلى الكأس أو أقدم على العدوان

ولكن الرأي فيمن ظلمه وأدخله السجن، وفيمن أنصفه وأخرجه منه، لا يختلف مع كل ما حدث أو يحدث بعد انطلاقه

فلا يقول أحد فيه ذرة من إنصاف أن ظالمه خير من منصفه، وأن إدخال الناس السجن بغير الحق عمل أشرف وأكرم من إعادتهم إلى الحرية وفاقاً لحكم القانون

والذي حدث في الدعوة إلى تحرير المرأة شبيه بهذا من وجوه كثيرة. فإن الذي أنكره قاسم من ظلم المرأة وحرمانها العلم والتربية والرعاية الإنسانية لحقيق بالإنكار، وحقيق بان يتبدل أو يزول. وهنا صنع قاسم ما لابد أن يصنع، وقام بالواجب الذي نكص عنه آخرون. فوجب له الحمد وعرفان الجميل، وإن ذهبت المرأة بعد ذلك في حريتها مذهباً لم يكن ليرضاه

دعوة قاسم هي فضيلة قاسم التي تحسب له ولا تحسب عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>