للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما (عدوى المجتمع) فليست من فعله ولم يكن في يديه أن يمنعها ولو كف عن دعوته وسكت عنها في زمانه كل السكوت

فهذا الشطط الذي نراه اليوم إنما نشأ من أمور كثيرة بمعزل عن الدعوة القاسمية وعن كل دعوة من قبيلها

نشأ من رؤية المرأة الأوربية في مصر بالمئات والألوف، ثم هجوم الناس على المحاكاة العمياء بغير تفرقة بين الأحوال عندنا والأحوال عند الأوربيين

ونشأ من الصور المتحركة التي تعرض لنا كل يوم مفاتن الحياة الغرامية بين الجنسين على نحو يراد به الإغراء وقلما يراد به التعليم والتهذيب

ونشأ من انتقال الألوف من أبنائنا إلى أوربا يعيشون هناك كما يعيش الشبان الميسورون في غير رقبة ولا تقيد بالعرف الشرقي الذي نشأوا عليه

ونشأ من القراءة الرخيصة التي يصح أن يقال فيها ما يقال في العملة (إن الرديء منها يطرد الجيد من الأسواق)

ونشأ من الأزمات الاقتصادية ثم من تداول الضنك والرخاء على البلاد، وفي هذا التداول ما فيهمن إفساد الأخلاق وزلزلة العرف والبيئة

ونشأ من معقبات الحرب الماضية التي عمت جميع الأقطار، ولم تخصنا نحن الشرقيين أو نحن المصريين

وهذه كلها أسباب أين منها دعوة قاسم أمين وأين منها جهود قاسم أمين أو جهود نفر من المصلحين؟

إن القدوة الاجتماعية لتصنع الكثير ولو قامت في طريقه العقبات ولم يرتفع بالدعوة إليه صوت داع من الدعاة؟

فلم يقم في مصر (قاسم أمين) يؤلف الكتب ويستهدف للملام في سبيل (التنحيف) وإقلال الطعام

وإن الإقلال من الطعام لعسير جد عسير، لأنه تضييق على الحرية وتضييق على الجسم في وقت واحد. . . ومع هذا تصبر المرأة على الحرمان والشدة وتزهد في الطعام المشتهى لتظفر (بالنحافة) الموموقة التي فرضتها العدوى الاجتماعية ولم تفرضها على المرأة دعوة

<<  <  ج:
ص:  >  >>