للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا عقيدة

بل فرضت الدعوة القوية صياماً في وقت من أوقات السنة وأنذرت على تركه بالعقاب في الدنيا والآخرة، فلم تصم امرأة واحدة لاتقاء هذا العقاب إلى جانب عشر نساء ممن يصمن في العام كله مرضاة للعرف وتلبية للعدوى الاجتماعية. وما كانت دعوة قاسم رحمه الله بأقوى من دعوة الصيام ونذير العقاب على تركه باسم الدين

إنما هي آفة الإصلاح حيث كان

وإنما هي القسمة السيئة التي يصاب بها المصلحون في الحياة وبعد الممات

ففي حياتهم يكرهون ويصابون

وبعد حياتهم تعرض لدعواتهم العوارض التي لا ذنب لهم فيها ولا قدرة لهم عليها فيلامون من حيث يسكت الناس عن علة الملام

وقد تثمر دعواتهم أحسن الثمر بعد زمن طويل، فإذا الناس يستمتعون بالثمر وينسون غارسيه، ولعلهم إن ذكروهم لا يشكرون ولا يكترثون

ذلك كله حق نلمحه بيننا ونلمسه بأيدينا كل يوم، فإن أوجب علينا شيئاً فإنما يوجب علينا أن نضاعف الجزاء للمصلحين الذين يساء إليهم بمقدار ما أحسنوا، وإنهم لأقمن الناس بإحسان

قالت السيدة الجليلة قرينة قاسم بك في حديثها الذي أشرنا إليه: (إنما كان قاسم ينادي بالسفور الشرعي الذي لا يزيد عن إظهار الوجه واليدين والقدمين ولا يتجاوزه إلى إظهار العورات وإلى اختلاط المرأة بالرجل على النحو الحاصل الآن. وإني أعتقد أن قاسم بك لو كان حياً لما رضي عن هذه الحال بل لانبرى لمحاربتها. ويحزنني أن أرى الكثيرين يسيئون إلى قاسم أمين إذ يحملونه المسئولية عن هذا التهتك وينسبونه إلى دعوته، فيدللون بذلك على أنهم يسيئون فهم الدعوة)

وصدقت السيدة الجليلة في قولها عن مقاصد قرينها الكريم وهي بها أدرى. فقد أراد قاسم عزة للمرأة تخرج بها من ذلة الجهل وفقد المشيئة، فإذا بها قد وصلت إلى ذلة أخرى أسوأ لها من الذلة الأولى، لأنها من طريق المشيئة والحرية التي لا تحسنها

فالعوارض التي نراها الآن إن هي إلا عوارض الضعف عن حمل الحرية قد أصيب بها

<<  <  ج:
ص:  >  >>