الكنجوي المتوفى في حدود سنة ٦٠٠ هـ والأمير خسرو الدهلوي المتوفى سنة ٧٢٥هـ، والشاعر الصوفي الكبير عبد الرحمن الجامي المتوفى سنة ٨٩٨ هـ، وابن أخته هاتفي الجامي المتوفى سنة ٩١٨ هـ، والشاعر نامي من شعراء القرن الثاني عشر الهجري في عهد الملك نادر شاه، وغيرهم من شعراء إيران. ثم تنتقل هذه القصة أيضاً إلى الأدب التركي فينظمها من شعراء الترك نجاتي المتوفى سنة ٩١٤ هـ، وحمدي المتوفى في السنة نفسها، وفضولي المتوفى سنة ٩٧٠هـ، وغيرهم. وأخيراً ينظمها شاعر مصر الكبير المرحوم أحمد شوقي بك في قصته (مجنون ليلى) وإننا لا نعجب إذا بحثنا في الأدب الأوربي أن نجد بعض الأثر لموضوع قصة ليلى والمجنون في القصص الغرامية الأوربية التي وضعت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي، مثال ذلك قصة (تريستان وأيسولده) أو قصة (روميو وجوليت). لا سيما ونحن نعلم أن الآداب والفنون الأوربية في ذلك الوقت كانت متأثرة إلى حدّ ما بالآداب والفنون الإسلامية عن طريق صقلية وإيطاليا وإسبانيا.
أما سبب عشق المجنون (ليلى)، فهنالك روايات مختلفة، يجمع المجنون بينها في قوله:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلباً فارغاً فتمكنا
ولكن المشهور ما رواه أبو عمرو الشيباني أن المجنون كان يهوى (ليلى) وهما حينئذ صبيان، فعلق كل واحد منهما صاحبه وهما يرعيان مواشي أهلهما، فلم يزالا كذلك حتى كبرا فحجبت عنه، قال: ويدل على ذلك قوله:
تعلّقتُ ليلى وهي غرّ صغيرة ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجمُ
صغيرين نرعى البَهْم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
واقتبس الشاعر نظامي الكنجوي هذه الرواية وحورها بما يناسب الحضارة الإيرانية في عصره، فاستبدل بالبادية والمواشي حجرة المكتب والكتب، وجعل المجنون يقابل ليلى في المدرسة وهما صغيران، ويتعارفان ثم يتحابان في أثناء الدراسة. واقتدى بنظامي الكنجوي في ذلك سائر شعراء الإيرانية والتركية الذين نظموا قصة (ليلى والمجنون).
وكانت هذه القصة أيضاً، موضوعاً محبباً لدى المصورين في جميع فروع الفن الإسلامي وجميع عصوره، فنرى صوراً كبيرة لتوضيح حوادثها في دواوين الشعر الإيرانية والهندية