للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والتركية، وعلى السجاد والقاشاني وغير ذلك من الأشياء والأدوات، وتمثل هذه الصور المجنون هزيلاً ناحلاً، عارياً من الثياب إلا من غلالة صغيرة تستر عورته، ويحيط به بعض الظباء والوحوش.

وقد حاولت فيما أقصه هنا أن أوفق بين الروايات المختلفة العربية والإيرانية والتركية، وأن أوضح بعض حوادث القصة بما يسمح به المقام من الصور.

كان الملوح بن مزاحم يجلس إلى جانب زوجته وكل منهما واجم يفكر في شئون الحياة، فقد أوتيا الثروة والجاه وآلت إلى الملوح زعامة بطن من بطون بني عامر، فكان سيد القوم يتمتع بينهم بالهيبة والجلال والاحترام - ومع ذلك لم يكن لهما ولد يجلب إليهما البهجة والسرور فيلطف خُشونة حياتهما في الصحراء. ولكن من أين لهما هذا الولد وقد بلغا خريف الحياة، وكاد يشتعل رأساهما شيباً! فأخذ كل منهما يدعو الله تعالى أن يهب لهما من لدنه ولياً يرثهما ويخلفهما في رئاسة بيتهما وزعامة آلهما وقومهما، وأن يكون قلبه بعيداً عن البغضاء مفعماً بالحب، ليخفف عنهما صحبة بني عامر غلاظ الأكباد. وبينما هما في وجومهما مسترسلان، يتنازعهما الأمل واليأس، إذ تفتحت أمام أعينهما أبواب السماء، وانبثق منها نور غمرهما في غلالة من الرحمة والرضوان، وجعلهما يشعران بالسعادة والاطمئنان

واستجاب الله دعوات الزوجين الطيبين الصالحين ورزقهما صبياً جميلاً أسمياه قيسا، كان موضع إعجاب كل من رآه. وأقام الملوح على إرضاع ابنه وتغذيته وتربيته أبرع نساء الحي وأحذقهن في القيام بهذه الفنون، ونما الصبي وترعرع، وشب في كنف والديه، يعطفان عليه ويخصانه بأكبر قسط من حبهما ورعايتهما. ورزقا غيره ولكنه بقي أحب أخوته إلى قلبيهما

وفي (شكل ١) نرى منزل الملوح بن مزاحم، وقد شمله الطرب والسرور، واجتمع فيه الأهل والأصدقاء يحتفلون بمولد قيس الذي نراه في وسط الصورة في لفافة تحتضنه سيدة من سيدات العائلة وتمسح رأسه الصغير في عطف وحنان بخدها الأملس البض وهي تجلس به إلى جانب حجرة (الحريم) حيث جاء بعض السيدات لتهنئة والدته. وجلس الرجال على سجادة جميلة في الحديقة أمام سور المنزل يتزعمهم الملوح بلحيته البيضاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>