أهدي إلى الأستاذ أحسن تحية، وأعتذر إليه من تأخر هذه الكلمة بأني طالعت أولاً (شعاب قلب) لكي أشكر له هذه الهدية النفيسة، وأشكر له في آن معاً، فضله الذي أتاح لي التلذذ بقراءة كتابه البديع.
صوّر لنا الأستاذ أفراداً من المجتمع في زماننا هذا، ومثلهم بسجاياهم ووجدانياتهم، وشهواتهم وأهوائهم، وقص حوادثهم وفعالهم، ووصف أزمنتها وأمكنتها، وصاغ كل أولئك على نظام سليم من السرد الرتيب، في أقاصيص شائقة وليدة ملكاته الراوية من تجاربه الشخصية ومطالعاته، وقد مازجها الخيال وإن أنشأها من الحقائق الواقعية حتى ليكاد القارئ يتعرف فيها مثلاً شيخ (فلسفة الشيخوخة)
وليس في هذه الأقاصيص عقود وحلول؛ بل هي بسيطة بين الأقصوصة والحكاية، وهي قطع من الحياة متفرقة، لكن تضمها جهة جامعة تلوح في خفاء للقارئ. وبودي لو يكتب الأستاذ قصة كاملة فيتسع فيها المجال لملكاته، لكي تبلغ مدى قدرتها على تمثيل الحياة المصرية أو الشرقية لهذا العهد
وقد ماشى الأسلوب الحي في (شعاب قلب) تلك النفوس فيما خالجها من اكتئاب أو ابتهاج، وحياء أو إباء أو رجاء، وإعجاب أو عتاب، وقلق أو شكوى، وحسرة أو رغبة أو شهوة؛ وتوافرت فيه الحركة بوسائل معنوية بلاغية، كالتعجب والمبالغة، والتجاهل والاستفهام، والتصريح والتلميح، والتشبيه والتصوير؛ وجاء سريع المعاني إلى الفهم بمثل الفصل والوصل والإضمار في عبارات تعتّم معانيها بالتقدير.
فما حسن بالفصل، مثلاً: (كنت أنعم بالراحة كلها في مخاصرة هذه السيدة التي تنبعث منها