للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تكلف في صوغها ولا تعسف

أما القائلون باستقلال طرفي الأسلوب فجريرة رأيهم على البلاغة أن الذين فسدت فيهم حاسة الذوق أهملوا جانب اللفظ، والذين ضعفت فيهم ملكة العقل غضوا من شأن المعنى، فضلوا جميعاً طريق الأسلوب الحق؛ فلا هؤلاء سلموا من معرَّة العيّ، ولا أولئك سلموا من نقيصة الهذر

قال أبو هلال: (ليس الشأن في إيراد المعاني؛ لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي والقروي والبدوي؛ وإنما هو في جودة اللفظ وصفائه. . . مع صحة السبك والتركيب، والخلو من أود النظم والتأليف. . .). وقال لابروبير: (إن هوميروس وأفلاطون وفرجيل وهوراس لم يبن شأوهم على سائر الكتاب إلا بعباراتهم وصورهم). وقال شاتوبريان: (لا تحيا الكتابة بغير الأسلوب. ومن العناء الباطل معارضة هذه الحقيقة؛ فإن الكتاب الجامع لأشتات الحكمة يولد ميتاً إذا أعوزه الأسلوب) وهؤلاء ومن لف لفهم من أنصار الصياغة أقرب إلى الصواب من أولئك الذين كفروا بها وشنعوا عليها. وتعليل ذلك ستقرأه في الحديث المقبل.

(للكلام بقية)

احمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>