فرح جميع الأحياء بالشمس كفرح الأطفال رجعت أمهم من السفر!)
تالله إن هذا وصف يفسده الشرح وأولى به أن يترجم ويذاع بين أمم الأرض ليبرهن على أن الأمة العربية لم تصب بالعقم في الخيال كما يدعي المفترون، وأن فيها أمثال شكسبير، وجيته، وهوجو، وأناتول فرانس.
أقرأت مقالة (عرش الورد) في زفاف ابنته؟ ألا ترى أنه يستشف من وراء الموصوفات أسراراً لا يقف عليها إلا العباقرة الملهمون؟
أسمعه يصف تاج الورد الذي عقد حول عرش العروسين:(وتنظر إليه يسطع في النور بجماله الساحر سطوعاً يخيل إليك أن أشعة من الشمس التي ربَّت هذا الورد لا تزال عالقة به)
أو أسمعه يصف لون الكرسيين اللذين نُصَّا على العرش:(ويكسوهما طراز أخضر تلمع نضارته بشراً، حتى لتحسب أنه هو أيضاً قد نالته من هذه القلوب الفرحة لمسة من فرحها الحي)
ليت شعري! أكانت للرافعي حاسة زائدة يقف بها على هذه الأشياء فيرى أشعة الشمس لا تزال عالقة بالورد وسط الليل، ويلمس فرحة الطراز الأخضر، أم هو خياله الخصب ونشوة السرور صَّورا له ما رأى!
ويقول:(وأقبل العذارى يتخطرن في الحرير البيض كأنه من نور الصبح، ثم وقفن حافات حول العرش حاملات في أيديهن طاقات من الزنبق، تراها عطرة بيضاء ناضرة حيية كأنها عذارى مع عذارى)
وما أشبه الزنبقة بالعذارى الهيفاء في لينها، وهيفها، ونضارتها ورائحتها وطهارة قلبها!
وماذا عساي أن أقدم إليك من هذه القصيدة المثالية، وحسبي ما اقتطفت منها وعليك بالرجوع إليها والوقوف لديها ملياً؛ لتحملك على أجنحة الخيال إلى عوالم من السحر والفتنة والفن. . .
أقرأت مقال (البحر) و (الربيع الأزرق)، تأمل في قوله:(والقمر زاه رفاف من الحسن كأنه اغتسل وخرج من البحر)، وقوله: (نظرت إلى هذا البحر العظيم بعيني طفل يتخيل أن البحر قد مليء بالأمس وأن السماء كانت إناء له فانكفأ الإناء فاندفق البحر، وتسرحت مع