كل تقدم في الحياة فقياسه الأصدق الأوفى عندي زيادة التبعة لا زيادة السعادة
الرجل أقدر على التبعة من الطفل، والعالم أقدر على التبعة من الجاهل، والقوي أقدر على التبعة من الضعيف، والعظيم أقدر على التبعة من الصغير، وهكذا في كل باب من أبواب التقدم بغير اختلاف وبغير استثناء
أما مقياس السعادة فقد يختلف فيه هذا القياس أبعد اختلاف: قد يكون الطفل أسعد من الرجل، وقد يكون الجاهل أسعد من العالم، وقد يكون الضعيف أسعد من القوي، وقد يكون الصغير أسعد من العظيم؛ بل هذا على الجملة هو الأقرب إلى الواقع والمعهود
فالمرجو من عواقب الحرب أن يزداد نصيب الناس من الحرية، وأن يزداد نصيبهم إذن من التبعة، وهنا موضع المزج بين النعمة والعناء، وبين زيادة الرجاء وزيادة المخاوف والمقلقات
لكننا نحصر المسائل الكبرى التي يرجى أن يتناولها التغيير النافع بعد الحرب الحاضرة لنحصر موارد الخير والشر في المستقبل القريب جهد المستطاع
فلا نخالنا ننسى شيئاً كثيراً إذا حصرناها في ثلاث مسائل كبريات تشتمل على شتى الصغائر والفروع، وهي مسألة التجارة العالمية، ومسألة البطالة، والمسألة النفسية الأخلاقية التي يتفق كثيراً أن تجلب الشقاء لصاحبها وهو في غمرة الثروة والعمل المجيد
فمسألة التجارة العالمية كانت مورد الشر العميم من ناحية التنافس بين الدول على الأسواق وعلى الخامات
وقد نظر الأمريكيون والإنجليز في علاج هذه المشكلة فخرجوا منها بطريقتين لا يصعب التوفيق بينهما على ما بينهما من خلاف:
طريقة الأمريكيين، وهي تقوم على فتح الأسواق بغير تمييز بين الأمم، وعلى تثبيت العملة العالمية بضمان من الذهب والمعادن النفيسة تشترك فيه كل أمة بالمقدار الذي يناسب طاقتها التجارية
وطريقة الإنجليز، وهي تقوم على تعاون الأمم المشتركة في المصالح، وعلى تثبيت العملة العالمية بإنشاء مكتب دولي يتولى الموازنة بين الصادرات والواردات، أو بين المبيعات والمشتريات، على حسب الطاقة الاقتصادية التي تحتمل المراجعة والتعديل من حين إلى