للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حين

وبين هاتين الطريقتين فرق في التنفيذ وإن كانتا في الجوهر أدنى إلى الاتفاق. ولكن المعول هنا على الضرورات العالمية التي لن تحكمها إرادة الأمم والحكومات. فإذا جاء دور التنفيذ فالمصلحة العالمية لها من القوة والرجحان ما يكفل لها الظهور والغلبة على كل إرادة، وهي خليقة أن تزيل الفروق وتقارب بين المسافات

أما مسألة البطالة فالتأمين الاجتماعي الذي تتسابق الحكومات المتحالفة في استنباط مشروعاته كفيل بتخفيف أعبائها عن كواهل الصناع والفقراء على الإجمال. وعلاج هذه المسألة ضرورة قومية في كل أمة لا محيص عن الاهتمام العاجل بها بعد تسريح الجنود واستئناف الصناعة الإنشائية للتعمير والترميم. وهذه الضرورة القومية وحدها هي التي تلجئ الدولة قسراً إلى علاج مشكلة التجارة العالمية؛ لأن المصانع لن تدار بغير تنظيم الخامات والأسواق، ومسألة البطالة والتأمين الاجتماعي لن تحل بغير إدارة المصانع وإعادتها إلى الإنشاء والتعمير، وهذه الضرورة العاجلة هي إحدى الضرورات التي قلنا إنها كفيلة بتنظيم التجارة بين الأسواق العالمية، وإنها أقوى وأقدر على الغلبة والظهور من إرادة الساسة والحكومات

أما المسألة النفسية أو المسألة الأخلاقية فهي في اعتقادنا أعضل هذه المسائل وادعاها إلى التفكير والتدبير

ومن بواعثها الكثيرة اختلال الأعصاب الذي ابتلى به ألوف الألوف من الجنود المشتركين في القتال، وابتلى به ألوف الألوف من السكان المروعين بالغارات وفقد الأعزاء

ومن بواعثها الكثيرة اختلال التوازن بين عدد الفتيان والرجال، وعدد الفتيات والنساء، واضطرار الملايين من النساء العاطلات إلى المغامرة في سوق العمل أو المغامرة في سوق الشهوات

ومن بواعثها الكثيرة فقد البيوت آباءها وعائليها وأركان التربية والخياطة فيها

ومن بواعثها الكثيرة ضغائن المغلوبين وآلام المستضعفين الذين داستهم القوة وفرّج عنهم النصر وهم لا يملكون منه إلا التشيع والاغتباط

ومن بواعثها الكثيرة خلو النفوس من المذاهب والعقائد التي تبددت في الحرب الحاضرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>