(١) كانت أول صيحة أيقظت الأزهر من نومه، ونبهته إلى واجبه، هي صيحة الأستاذ الإمام المغفور له الشيخ محمد عبده. (فكانت مبادئه وأفكاره بمثابة شعاع انبثق في أفق الأزهر. انتفع به من انتفع، وازورّ عنه من ازورّ، ولكنه مع ما قوبل به من محاولات متعددة لإطفائه ظل قويا وهاجا يجذب إليه أنظار المؤمنين، وينفذ إلى بصائر المخلصين. . . وإن الأزهر لينتفع الآن في كلياته ومعاهده، وفي القضاء الشرعي والإفتاء، والوعظ والإرشاد بطائفة كبيرة من العلماء الذين تخرجوا في ظلال هذه النظم التي تستمد من إصلاح الشيخ عبده، لهم أثر واضح في حياة الأمة من جميع نواحيها)
وفضيلة الأستاذ المحاضر ينفي بهذا فكرة ربما فهمت من عبارة ذكرها فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي في مذكرته الإصلاحية التي وضعها في سنة ١٩٢٨ إذ يقول في شأن النظم التي تقدمت إصلاحه:(وإني أقرر مع الأسف أن كل الجهود التي بذلت لإصلاح المعاهد منذ عشرين سنة لم تعد بفائدة تذكر في إصلاح التعليم، وأقرر أن نتائج الأزهر والمعاهد تؤلم كل غيور على أمته وعلى دينه!)
(٢) إن فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي قد وضع في عهده الأول مذكرته الكبرى في إصلاح الأزهر (تلك المذكرة التي لا نعلم مثلها في تاريخ الأزهر - حديثه وقديمه - قوة وفهماً وإدراكا للعوامل المختلفة المحيطة بالأزهر، والتي جعلها برنامجه في الإصلاح المنشود، ودستوره الذي عاهد الناس على أن يسير على مبادئه في النهوض بالأزهر وإعلاء شأنه، وتحقيق آمال الأمة الإسلامية فيه)(تلك المذكرة التي علقت عليه الأمة من أجلها آمالها الكبرى في إعلاء شأن الدين وإنهاض أهله)
وهو يرى في هذه المذكرة رأياً معيناً في الكتب المعقدة (التي لها طريقة خاصة في التأليف لا يفهمها كل من يعرف اللغة العربية)
ويرى فيما يختص بدراسة الفقه أنه (يجب أن يدرس دراسة حرة خالية من التعصب لمذهب، وأن تدرس قواعده مرتبطة بأصولها من الأدلة. . . الخ)
ويرى في دراسة التفسير كذا، وفي دراسة الحديث كذا، وفي دراسة اللغة العربية كذا. . . إلى غير ذلك مما سجله في مذكرته