وقال شاعرٌ آخر:
ومُظهِرةٍ لخلق الله ودّاً ... وتلقى بالتحية والسلام
أتيت لقلبها أشكو إليه ... فلم أخلُص إليه من الزحام
أيا من ليس يكفيها محبٌّ ... ولا ألفا محبٍّ كل عام
كأنك من بقية قوم موسى ... فهم لا يصبرون على طعام
وبقليل من التأمل ندرك أن هذين الشاعرين في غفلة عن تلوين العواطف والأحاسيس. وهل يتعلق العاشق بمعشوقته إن أمن عليها الشركاء كل الأمان؟
التعقيد في الميول والأهواء هو سبب الحيوية في الميول والأهواء. ومزية الإنسان أنه منوّع المطاعم والمشارب، فهو يأكل ما تأكل السباع والأنعام والحشرات، وهو لذلك يواجه مكاره الحياة بالقوة المستمدة من تلوين الطعام والشراب. إن مزية الإنسان أنه حيوان عارم لا تصده حدود ولا سدود، وأنه يجد طعامه ولو سكن فوق رءوس الجبال
هل سمعتم الوزير الإنجليزي الذي اختبر معدته بالأكلة الهندية، الأكلة المركبة من توابل حِرِّيفة لا يقدر على ابتلاعها غير الهنود؟
كان يقال إن العائلة الإنجليزية إذا استقرت مائة سنة في الهند فستنقرض، لأن جو الهند يخالف جوّ الجزر البريطانية، ثم ظهر أن هذا القول يعوزه الدليل، فقد تأصلت في بلاد الهند عائلات بريطانية ولم تنقرض
والوثائق تحت يدي، فالإنجليزي المقيم في الهند تصل إليه أزواد من كل أرض، فهو هندي الموطن، ولكنه دوليّ الطعام والشراب، وبذلك تأخذ أمعاؤه وقودها المنوع من هنا وهناك
والإنجليزي المقيم في الهند لا يكتفي بقراءة ما تخرج مطابع الهند. وإنما تنتقل إليه المطبوعات الأوربية والأمريكية بأيسر عناء، فيرى وجوه الآراء الغربية قبل أن يرى وجوه الآراء الشرقية، ويعيش بملء روحه وعقله عيشاً لا يعرفه جيرانه من الهنود
قلّت أملاك الآساد في الأرض، لأنها أكلة لحوم، وقلت أملاك الغزلان في الأرض، لأنها أكلة أعشاب
هل تعرفون الظباء في حياتها اليومية؟
إنها تتمرن على الجري في كل وقت، لتحسن الفرار من هجوم الآساد، وكان ذلك لأن فطرة