العظات التي نسمعها من عشرة آلاف سنة يبدأها الواعظون ويعيدونها من جديد عصراً بعد عصر وجيلاً وراء جيل، على أي شيء تدور وفي أي معنى تقال مع اختلاف الكلمات والأساليب؟ على العلاقات المشروعة أو غير المشروعة بين الرجل والمرأة، على البيوت والآباء والأمهات، على الرحمة والإحسان أو على الإنصاف في توزيع الأرزاق
وهذه هي خلاصة الإصلاح كله، وهذه هي المسائل التي شغل بها صاحبنا بيفردج واهتم بها وهو يلهو في شبابه كما اهتم بها وهو يعالج المعضلات في مشيبه، كأن أعصابه موصولة بأعصاب المجتمع الإنساني فهو يهتدي إلى المواضع الحساسة بإلهام البداهة
وأعجب من إحساسه البديهي بأصول الاصطلاح دقة إحساسه في اختيار الحكماء والشعراء ثم دقة إحساسه في اختيار ما يقولون. فيخيل إليك أنه لا يختار من الحكماء والشعراء إلا الذين لمسوا مشكلة المرأة في حياتهم الخاصة، ولا يقع من كلامهم إلا على الكلمة التي تمثلهم في الصميم
فمن حكمائه تولستوي الفيلسوف الروسي المشهور الذي خانته امرأته فوصف هذه الخيانة في قصة من أشهر قصصه الصغيرة، وراحت امرأته تبرئ نفسها بعد موته فتصدت لها بنته تكذبها وتأخذ بناصر أبيها وترثى له مما لقيه من خيانة أمها
ومنهم رسكن الناقد الفيلسوف الفنان الإنجليزي الذي سرح امرأته بيديه لتتزوج من عشيقها
ومنهم هازليت ملك النقاد في العالم الذي فشل أفجع الفشل في حبه كما فشل في زواجه
ومنهم روسو ورابيليه وسقراط وأمثالهم من حكماء الأمم الذين عرفوا هذا الجانب من الحياة بالذكاء والفطنة كما عرفوه بالخبرة والمحنة، وهم كثيرون
فالفيلسوف الروسي تولستوي يقول:(إن النساء يعرفن جيداً أن ما يسمى حباّ علوياً أو حباً شعرياً لا يتوقف على الفضائل الأخلاقية كما يتوقف على المقابلات الكثيرة، وعلى (تسريحة الشعر) وألوان الملابس وطريقة تفصيلها)
وروسو يقول:(إن الذكر إنما يكونّ ذكراً في بعض أوقاته. أما المرأة فهي أنثى في جميع حياتها أو على الأقل في جميع أيام شبابها. فكل شيء يذكرها ولا يزال مذكراً لها بجنسها)
وهازليت يقول: (النساء لا يعتمدن على التفكير أو القياس المنطقي أبداً، وإنما يحكمن