للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأمثلة المتواترة أمامنا تدل على أنه صحيح كل الصحة. لأننا عرفنا كثيراً من النساء النابغات في كتابة القصة والرواية، ولم نعرف قط شاعرة عظيمة نبغت في أمة من أمم العالم قديمها وحديثها

فهن روائيات مجيدات وشاعرات مقصرات، ولكن لغير السبب الذي يراه كولردج فيما نرجح، وهو قلة التفرقة بين الواقع والاختلاق أو التأليف

والذي نرجحه أن المرأة تحسن كتابة القصة لأنها مطبوعة على الفضول والاستطلاع والخوض في أسرار العلاقات بين الرجال والنساء والإطالة في أحاديث هذه الأسرار مع الاشتياق والتشويق. وهذا كله هو معدن القصة التي تصاغ منه، وهو جوهر من جواهر الرواية قد يغنيها عن المزايا الأخرى من تحليل وتعليل وإبداع في الوصف والتمثيل

أما الشعر فهو ابتكار واقتدار على الإنشاء، وليست المرأة مشهورة بالابتكار حتى في صناعتها الخاصة بها كالطهي وصناعة الملابس والتزيين

والشعر - وأساسه الغزل - هو وسيلة الرجل لمناجاة المرأة، وقد تعودت المرأة بفطرتها أن تكون مطلوبة مستمعة في هذا المجال. فهي لا تحسن الشعر كما يحسنه الرجل، وعلى هذه السنة تجرى جميع الذكور في أنواع الحيوان حين تسترعى أسماع الإناث بالغناء أو الهتاف والنداء

ولا عجب لهذا أن يخلو تاريخ الإنسان من شاعرات مجيدات بل من شاعرة واحدة مجيدة بغير استثناء في جميع اللغات. وحتى (سافو) الشاعرة اليونانية التي ذاع صيتها في الزمن القديم لا تحسب بين الطراز الأول في الشعراء. وإن حسبت من الطراز الأول فهي في شعرها - المعكوس - تمثل الرجال أكثر من تمثيلها النساء، لأنها كانت تنظم الغزل في البنات

هذه طرائف من الآراء التي حام بينها بيفردج لتصوير المرأة بألسنة الحكماء والشعراء في الأمم كافة. ثم لم يمنعه ذلك آخر المطاف أن يلتمس لها المعونة والعذر والإنصاف. وهكذا تكون رحمة العليم ومعذرة الحكيم

قبل في نقد مشروعه الاقتصادي الكبير أنه لم يأت فيه بجديد ولم يجاوز أن يستقصي فيه ما تقدم من خطط الإصلاح مع قليل من التنقيح والزيادة هنا وهناك

<<  <  ج:
ص:  >  >>