والنيل بين زفتي وميت غمر على جانب العظمة الطبيعية والجمال الأصيل، فأين من فكر في الاستظلال بتلك العظمة وذلك الجمال؟
إن الحمائم والعصافير تعرف من سرائر بلادنا ما لا نعرف ألم أحدثكم مرة أن لها مغاني في أكثر البقاع المصرية؟
لكل مكان في مصر روح وأرواح، وبلادنا نشأت أول ما نشأت على فطرة الاستقلال، فقد كان لكل قطر من أقطار مصر سيادة محلية، وكان بكل قطر من أقطار مصر سادة يتعالون باسم الشرف والجود، فكيف نحول هذه القوى إلى بقعة واحدة هي البقعة القاهرية؟
هل نتعزى بأن يقال إن القاهرة أعظم مدينة في الشرق ونحن نعرف أنها تجنى على الحواضر المصرية بغير حق، كما تجنى أسيوط على منفلوط؟
وهنا يجيء حديث المناطق في وزارة المعارف، وقد سمعت أن نظام المناطق في طريق الإلغاء
وأقول بصراحة إن أول وزارة عرفت نظام المناطق هي وزارة الداخلية، وهي لا تستطيع التخلي عنه بأي حال، لأنه أفضل الأنظمة في صيانة الحياة الداخلية، ولأن المشرفين عليه كانوا السبب في تنظيم حواضر البلاد
وإذا استطاعت وزارة المعارف أن تمنح ممثليها بالأقاليم قوة تشبه القوة الممنوحة لممثلي وزارة الداخلية فستظفر الأقاليم بإصلاحات قائمة على أساس الفهم والذوق، وقد تفك الحصار المضروب على رجال التعليم، وهم رجال عوقتهم الظروف عن تحقيق ما يريدون في إصلاح الأقاليم
هل يعرف أحد كيف يجوز أن يكون ممثل وزارة الداخلية هو الرجل الأول في المديرية، ولا يكون مثل هذا الحظ لممثل وزارة المعارف؟
نحن اخوة، فكيف نفترق في الواجبات ولم نفترق في الحقوق؟ ما الذي يمنع من إعطاء مدير التعليم فرصة الإصلاح الممنوحة لمدير المديرية؟
أنا أوجه القول إلى وزير المعارف، وأسأله برفق عن تعطيل مواهب رجال التعليم في الأقاليم، وفي مقدورهم أن يخدموا الإصلاح خدمات عظيمات؟