جاء به القرآن هو أسمى ألوان القصص التمثيلي الذي تندق دون تقليده أعناق المقلدين، فما بالنا جعلنا الانصراف عن ذلك عاماً بحيث شمل جميع الموضوعات الدينية والشخصيات الدينية؟ إن في سير صحابة الرسول الكريم آيات من القصص التمثيلي لو عرفنا كيف نبرزها عن المسرح لتوفرت لنا مئات من التمثيليات الرائعات التي تزري بما هو نوعها عند الأمم الأخرى. . . وأقول مرة أخرى إنني وأنا أكتب ذلك الكلام الآن ألمح هذه الابتسامات الساخرة ترقص على بعض الشفاه التي لم تشد قليلاً ولا كثيراً من تاريخنا الإسلامي - على أنها شفاه جاهلة لا تزن ما للدين من أعمق الأثر في توجيه الأمة المتدينة - على أنني أيضاً لست أريد أن نبدأ في نهضتنا المسرحية من حيث انتهت أوربا، وإلا تكون دعوة إلى نكسة لا تليق بنا، لكنني أرى استغلال الروائع العظيمة من سير الصحابة الذين يجلهم الشعب في إيجاد مسرحيات دينية تمس روح الشعب الدينية وتلعب على أوتاره الحساسة في سبيل النهوض به وهدايته إلى مثله الأعلى الذي يرفعه إلى منازل العز والسؤدد الأخلاقي. يجب أن نفهم روح العصر ونتخذ الوسائل المستحدثة في الوصول إلى روح الجماهير، ويجب ألا نتخلف عن موكب الإنسانية فنتخذ وسائل عقيمة غير التي يتخذها هذا الموكب وإلا كنا شذاذاً - ويجب أن نصنع ذلك ما دام لا يناقض ديننا. . . إن رواية القصة على الأسماع ليس له من السحر في النفس والأسر في القلب ما تحدثه مشاهدتها على المسرح تتحرك شخصيتها، وتتحرك وقائعها، وتتحرك مشاهدها، فتثبت في الذاكرة إلى الأبد. يجب ألا نكون أميين فنفسد آذاننا عن هذه الحقائق