الجرمانية من فضل على النهضة الألمانية. وكان لحماة الأدباء من لوردات إنجلترا أكبر الأثر في رعاية المسرح الإنجليزي، وكل من له معرفة بشكسبير يعلم تلك الصلة الخالدة التي كانت بينه وبين هنري ريوتسلي (إرل أوف سوثمبتون). الحق. . . أنه قد آن أن يكون للوطن حق معلوم في الأموال المصرية التي تفتقر إليها العبقريات المصرية. ولن تنسى مصر تلك اليد التي أسداها إلى الفنون الرفيعة واحد من أبر أمرائها
وبعد، فقد أطلنا القول في أسباب تأخر الترجمة وما جرت إليه من تأخر الآداب المسرحية في مصر، وما أدى إليه ذلك من فقر الأدب العربي الحديث بالقياس إلى آداب الأمم المتحضرة، إذ نكاد نكون الأمة الوحيدة - بين جميع الأمم - التي ليس لها أدب مسرحي تقريباً.
ومن أسباب عقمنا في الإنتاج الأدبي المسرحي هذا التهيب الذميم الذي نتناول به تاريخنا الديني والسياسي. والمدهش أن الأدباء إنما يخشون رجال الدين وما عساهم أن يحدثوا من ضجة إذا هم وضعوا درامات مشتقة موضوعاتها من أحداث التاريخ الإسلامي، وما أروع أحداث هذا التاريخ! وهذا الذي يخشاها الأدباء في مصر، حدث ضده في تاريخ المسرح الأوربي الحديث، فقد نشأ التمثيل أول ما نشأت أوربا في الكنائس والبيع، وكان الأحبار والقسيسون والرهبان والعرفاء هم الذين ابتدعوا الدرامات الإنجيلية والدرامات الكرامية وأخذوا موضوعات النوع الأول من الكتاب المقدس مع المحافظة على حرفية القصص، كما أخذوا موضوعات النوع الثاني من خوارق القديسين ومعجزات الأنبياء وكرامات أهل التقى والورع. ولما رأى رجال الدين إقبال الشعب على شهود تمثيلياتهم الدينية هذا الإقبال فكروا في تنشئة صبيان البيع على هذه الصناعة الجديدة فكان الاحتراف في التمثيل، وبذلك وجد عمل شريف عظيم لهذه الكثرة من رجال الدين - غير المتفقهين - ممن عندنا منهم آلاف مؤلفة احترفت قراءة القرآن بأبخس الأثمان على المقابر والمزارات وفي المنازل والمتاجر للتبرك مما يستنكره ديننا وتأباه كرامة الإسلام وتألم له روح نبينا العظيم ويبغضنا الله من أجله. . . فلو أن الذي حدث في أوربا حدث بعضه عندنا لخلصنا من هذا الخرى المنتشر بيننا مما جعلنا أمة جنائزية عجيبة الأحوال. . . وإذا كنا نحرص على عدم تمثيل شخصيات الرسل الكرام توفيراً للوقار الذي ينبغي لهم، مع أن القصص العظيم الذي