هذا الإقبال العظيم من الشعب على شهود التمثيل اضطرت النقابات إلى المؤلفين الذين ينتجون الروائع في سرعة فنشأ الاحتراف في التأليف أيضاً. غير أن مؤرخي المسرح الإنجليزي يقررون بكل أسف أن النقابات كانت تعتصر دماء المؤلفين بالثمن البخس، وكان عنصر الربا يدخل في المعاملة بينها وبين المؤلفين لتذلهم إذلالاً، وتربط حياتهم بها ربطاً محكما حتى لا تغر بهم النقابات الأخرى بالعطاء الأجزل. . . وذلك من قبيل ما تبديه دور النشر عندنا من جشع
ذلك بعض ما كان يسخو به الأغنياء الإنجليز لتعضيد المسرح وما كان يحدث أعظم منه في فرنسا، فمتى يصل هذا الصوت إلى أغنيائنا فيشاركوا في صناعة الذوق العام لهذه الأمة بإحياء المسرح المصري؟
٦ - وإذا كنا نطمع أن يعضد أغنياؤنا الأدب المسرحي - وسيضحك القراء جميعاً حين يقرأون هذا الهذيان! - فنحن نطمع في أن يتشبه أمراؤنا بأمراء أوربا في عصر النهضة، وذلك بحماية المؤلفين ورعاية الأدباء المسرحيين بوجه خاص. فالأمير الذي يساعد مؤلفاً أو يوفر الراحة الذهنية لشاعر، إنما يقدم لأمته أثمن هدية في الحياة. . . إنه يقدم لها قلباً من القلوب النابضة، وقريحة من القرائح الخصبة التي تشيع فيها النشاط وترد إليها العزة. . . وكل من درس تاريخ النهضة وإحياء العلوم في أوربا يذكر أن هذه النهضة العجيبة التي عم خيرها جميع شعوب الأرض هي من صنع أمراء فلورنسا من أسرة دى مديشي تلك الأسرة التي كانت تنفق معظم أرباحها التجارية في شراء الكتب والمخطوطات مهما كانت أثمانها عالية باهظة، كما كانت تحمي العلماء والأدباء ورجال الفكر، والتي أنشأت في فلورنسا تلك الأكاديمية الفلسفية لدراسة آراء الفلاسفة الإغريق فكانت أول منارة شع نورها في ظلمات أوربا السادرة في الجهالات. وستظل أسماء كوزيمو وحفيده لورنزو وابن لورنزو الثاني جيوفاني دىمديشي كواكب ساطعة على الزمن في سماء النهضة العالمية، فإليهم يرجع الفضل في إحياء التراث اليوناني الخالد من فلسفة وأدب، وذلك بما أنفقوا من حر مالهم في سبيل الحصول على مخطوطات أفلاطون وآرسطو وأدباء المسرح اليوناني القديم، مما قدره علماء الببليويلزم (جمع الكتب والمخطوطات القديمة) بملايين الجنيهات
كذلك يعلم كل من درس تاريخ النهضة ما كان لأمراء بافاريا وغيرها من الولايات