وظاهر من هذا أن تحسن (النسل المتولد من متباعدين) في صفاته الجسمية، لا يستتبع تحسنه في صفاته النفسية، أو فيما ركب فيه من طبائع وأذواق. . . بل على العكس من ذلك، ينشأ النسل الجديد أخبث في الطبائع من أصوله، أو هو يكتسب أسوأ ما في أبويه من صفات نفسية؛ وهذا متحقق - على الأقل - في أنواع الحيوان المركب من نوعين، وفقاً لما قاله الدميري
بقى أن ننظر في نسل الآدمي المتولد من متباعدين. . . أي الصفات النفسية يجتمع فيه؟ وهل هو في اكتسابه أحسن الصفات الجسمية من أبويه، يكتسب أيضاً أفضل ما فيهما من صفات عقلية وخلقية؟
وإذا كان الأمر كذلك، فلم هذا التفريق - من هذه الوجهة - بين الإنسان والحيوان؟
على أنه إذا نفينا هذا التفريق، فماذا يبقى من الثقة بكلام الدميري في طبائع الحيوان المركب، وهو قد ضرب لإثباته الأمثلة المحسوسة من طبائع البغل والسمع والعسبار وغيرها من هذه الأنواع؟
(جرجا)
محمود عزت عرفة
نظرات في مهرجان الربيع
أمسى ثغرنا السكندري على حقل أدبي كبير زفت فيه تحايا الربيع في أثواب من النغم الشعري البديع، وآيات من الكلم النثري الرفيع. . . ولعل السر في هذا يتمثل في اشتراك نفر من أسرة (الرسالة) الغراء في هذا المهرجان، فقد مثلها من شيوخها الأستاذ الكبير محمود البشبيشي، والأستاذ الفاضل خليل شيبوب؛ ومثلها من شبابها الأستاذان: حسين البشبيشي، ومصطفى علي عبد الرحمن. وكان لا بد للناقد من التأثر فالتأمل فالتعبير. . . وكان لا بد لتعبيره أن يتناول الهنات قبل المحاسن، ويحق لنا أن نقول إن بعض الخطباء قد أصاب، وبعضهم قد تردد في النطق واضطراب في الإبانة. . . وزل لسان بعضهم بلحنات يجدر بالخطيب الحق أن يتفاداها. ولكن الذي يخفف من تلكم الهنات ويذهب بها ذلكم البيان الدافق والقدرة الخطابية العجيبة التي غمر بها الحفل أستاذنا القدير محمود