للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

١ - أن تخرجه جميع كتب الحديث المشهورة المتداولة

٢ - أن تتعدد طرق إخراجه تعدداً تحيل العادة معه التواطؤ على الكذب

٣ - أن يثبت هذا التعدد في جميع طبقاته: أوله وآخره ووسطه

وإذن: فالحديث الذي لم تخرجه جميع الكتب المتداولة المشهورة، أو أخرجته جميعها ولكن لا بطرق متعددة، أو أخرجته بطرق متعددة ولكن لا في جميع الطبقات، بل في بعضها دون بعض، لا يكون متواتراً باتفاق العلماء أجمعين!

ويجدر بنا بعد هذا أن نعرض لظاهرة غريبة شاعت في الناس، وإن الحق ليتقاضى فيها واجبه من العلماء المسئولين أمام الله وأمام الرسول: تلك الظاهرة هي أنه على الرغم مما قرره العلماء في شأن المتواتر تحديداً ووجوداً، وعلى الرغم من هذا التحفظ الشديد في الحكم لحديث مما دون في الكتب بالتواتر، نرى بعض المؤلفين قديماً وحديثاً يسرفون في وصف الأحاديث بالتواتر، وقد يقتصدون فيخلعون عليها أوصافاً أخرى كالشهرة والاستفاضة والذيوع على ألسنة العلماء، وتلقي الأمة إياها بالقبول والثبوت في كتب التفسير وشرح الحديث، أو في كتب التاريخ والمناقب. . . الخ. وقد يشتط (أناس) في سلوك هذه السبيل، فتراهم يتتبعون مع هذا أسماء الصحابة والتابعين والأئمة والمؤلفين الذين جرى ذكرهم على ألسنة النقلة في رواية الحديث، وهم يعلمون أنها روايات ضعيفة لا تصبر على النقد، وأن هذه الأسماء التي يحرصون على جمعها توجد في كل حديث حتى في الأحاديث الموضوعة، ولكنهم مع ذلك يجمعونها، ويجتهدون في عدها وإحصائها وذكر الكتب التي اشتملت عليها لأنهم يريدون أن يخطفوا أبصار العامة، ويستغلوا عاطفتهم الدينية، ويزعموا لهم أن هذا الحديث أو تلك الأحاديث قد وردت عن نبيكم في هذه الكتب الكثيرة وعلى لسان هذا الجم الغفير من الرواة بين صحابة وتابعين فهي متواترة لاشك في تواترها، وهي متصلة بالرسول لاشك في اتصالها، ومن حاول الطعن فيها، أو الحط من درجتها، فقد ضل ضلالاً بعيداً، وحاد عن سبيل المؤمنين!

ولهذه الظاهرة أسباب:

منها، وقد يكون أقلها خطراً، اشتهار الحديث في طبقة أو طبقتين فتسحب الشهرة على جميع طبقاته، ويحكم عليه حكماً عاماً بالتواتر أو الشهرة من غير تحقيق ولا تمحيص، وقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>