للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فنم يا طفل لا يهنا ... غني بات شبعانا

قتام اليأس غطَّانا ... فَنمْ، لا عين ترعانا

إذا ما صبحنا حانا ... حسبنا الصبح أكفانا

ألا يا همُّ يكفينا ... لقد جفَّتْ مآقينا

لو أن الدمع يغذونا ... أكلنا بعض بلوانا

فتنال هذه القطعة إعجاب الأستاذ (مندور) وحبه، وهي حقيقة أن تنال هذا منه، ومنا نحن أيضاً - بوصفها لوناً من ألوان الأدب، لا بوصفها اللون الوحيد الذي يحب -

ولكن الشاعر يقول قطعة أخرى بعنوان (يا نفس) لا تبلغ أن تكون في هذا المستوى، ولا أن تكون نموذجاً شعرياً، فتنال إعجاب الأستاذ مندور كذلك لأسباب سنذكرها بعد. وهذه بعض مقطوعاتها:

يا نفس مالك والأنين ... تتألمين وتُؤلمين

عذبت قلبي بالحنين ... وكتمته ما تقصدين!

قد نام أرباب الغرام ... وتدثروا لحف السلام

وأبيت يا نفس المنام ... أفأنت وحدك تشعرين؟

والليل مر على سواك ... أفما دهاهم ما دهاك

فلم التمرُّد والعراك ... ما سور جسمي بالمتين

ولا يعلو مستوى بقية القصيدة عن هذا المستوى، الذي لا شعر فيه ولا حرارة. وأحسب أن وضع القصيدتين متقابلتين - وهما لشاعر واحد - يكفي للإحساس القوي الواضح بما بين مستواهما من فروق. ولكن الأستاذ مندور يصب إعجابه عليها جميعاً، ورائده في ذلك أمران:

الأول: أن القصيدتين لشاعر من شعراء المهجر. وهو يحب شعراء المهجر، لأنه حين ذهب إلى أوربا كان يحمل بعض أدبهم، وبعد أن عاد إلى مصر لم ينفسح له الوقت ليقرأ الشعراء المصريين المحدثين!

والثاني: أن في كلتا القصيدتين نغمة أسى دفين متهالك. وهو لا يحوجنا في هذا إلى التخمين إذ يقول عن القصيدة الأولى: (أعود أنصت إليه - أي إلى نسيب عريضة -

<<  <  ج:
ص:  >  >>