في كثرة الأرامل وكثرة العوانس وقلة الأزواج. . . هذا وإن يكن الإخراج في المسرح الفرنسي قد بلغ الأوج الذي لم يبلغه قط في أيٍ من مسارح العالم
أما في ألمانيا فقد ظهرت جماعة (التعبيريين) التي تدعو إلى أن تكون الدرامة من مناظر كثيرة متعددة، لا من فصول، كما أصبحت الحال في السينما، على أنه لا في ألمانيا ولا في روسيا كان المسرح أحسن حالاً منه في إنجلترا أو فرنسا فقد خرجت ألمانيا المهزومة من الحرب كما خرجت روسيا بروح جديدة ونظام من الحكم جديد حور مرافق الدولة جميعاً وأخضعها لأغراضه واستعان بكل شيء، ولا سيما بالمسرح، في تثبيت دعائمه والوصول إلى أهدافه. والاشتراكية في ذاتها تنكر الفنون والآداب كما تجحد الأديان والأخلاق، وذاك أنها لا تعترف إلا بالعلم، وهي تعتبر هذه الأشياء آخر ما يشغل العالم به نفسه. كما تفسرها على أنها ألوان من الخبز واللحم حتى أن الألمان ليقولون في أمثالهم (يكون الناس كما يأكلون!). والاشتراكية في إنكارها للفنون والآداب والأديان والأخلاق لا تغض من قيمتها، ولكنها تتركها في مؤخرة برنامجها لتأتي من نفسها طائعة مختارة كما يدعون، وعلى كل فلم تنتج النازية كما لم تنتج الشيوعية بطلاً من أبطال الدرامة أو المسرح يعتد به، ولعل هذا راجع إلى أنهما لم تسلخا في التجربة أكثر من ربع قرن بعد. وهاهي ذي تلك الحرب العالمية القائمة قد أخذت تحصد الأرواح الفينانة التي أبقت عليها الحرب السالفة، كما أخذت تضاعف آلام الإنسانية وأحزانها في كل مكان، ولم تتوحش هذه الحرب بعد كما توحشت في الأعوام الثلاثة الماضية بين النازية والشيوعية. أليس كل من النظامين إنما يؤمن بالعلم وحده ويريد أن تأتيه الفنون والآداب والأخلاق والأديان طائعة مختارة؟