للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بكامل هيئاتها لشهود الروايات التمثيلية حاملة معها عشاءها أو غداءها فلا تجد بأساً من تناوله أثناء التمثيل. أما في روسيا وألمانيا فقد عرفنا رأي الاشتراكية في الفنون والآداب والأخلاق والأديان في الكلمة السالفة، وعرفنا كيف خضع المسرح فيهما لخدمة الدعاوة السياسية مما حاد به عن الجادة

فمن غير المعقول أن ير في التأليف المسرحي في شعوب هذه حال الكثرة الساحقة من أفرادها، وإذا قدر لنوع من التأليف أن يروج فيها فلابد أن يكون النوع الذي ينحط إلى مغازلة هذه الأذواق المريضة والأعصاب المنهوكة والأرواح المتعبة؛ ومؤلف الدرامة مضطر إلى أن ينصاع للخطة التي تمليها عليه الظروف المسرحية والتي ترسمها وتتحكم فيها نقود ذلك الجمهور، تلك النقود التي أتلفت الدرامة الفنية وخلقت المسارح التجارية في طول أوربا وعرضها ولاسيما في فرنسا وفي إنجلترا. إننا نردد في مصر دائماً أن واجب رجل المسرح سواء أكان مؤلفاً أو مخرجاً أو ممثلاً هو أن يرتفع دائماً بالجمهور لا أن ينحط إلى مستوى الجمهور، ثم ننسى أن ذلك الارتفاع بالجمهور الذي ننادي به هو عمل شاق يتعرض دائماً لظروف تجعل المهمة تنتهي دائماً إلى الفشل الذريع، لأننا نتعامى عن عيوب جمهورنا الذي كان ينبغي إصلاحه وتهيئته لشهود الروائع المسرحية. إن جمهورنا بثقافته التي لا نجهلها غير مستعد لشهود الدرامة الهادئة التحليلية ذات القضايا التي تنتهي إلى نتائج ترضي العقل ولا تستفز القلب، وتقنع التفكير ولا تحرك العاطفة. ولقد حاولت الفرقة القومية المنحلة القيام بهذا العمل الجليل، فماذا كانت النتيجة؟. . . إنها لم تجد جمهوراً. . . لأنها نسيت طبائع هذا الجمهور فلم تعالجها العلاج المعقول ولم تزخرف له من المغريات ما تجذبه بواسطته إليها. . . ولو أننا الآن بسبيل الكلام عن المسرح المصري لخضنا في الحديث عن الفرقة القومية التي أدى إلى حلها، كما أدى إلى إلغاء معهد التمثيل، تفكير أمي مرتجل يدل على قصر النظر إن لم يدل على العمى المطلق الذي يصيب سياستنا الإنشائية دائماً. . . ولما كان لهذا الحديث حينه إن شاء الله فنحن نرجئه لوقته. . .

تحكم العامل الاقتصادي إذن في خلق المسرح التجاري في أوربا جميعها، وفي إنجلترا خاصة، ولكي نعذر مديري المسارح التجارية في الانزلاق بالدرامة وبالمسرح في هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>