للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال شاعرٌ قديم:

غَنَّتْ سُلَيمى بالحجا ... زِ فأطربتْ من في العراق

فهل كان ينتظر ذلك الشاعر أن تصح نبوءته فأسمع من القاهرة صوتاً يغزو روحي وأنا في سهرة بمدينة النجف؟

لقد قضى ذلك الصوت بأن تكون ليلتي ليلاء، وأن أعود إلى بغداد وأنا مفطور الفؤاد

وما معنى قول البهاء زهير شاعر الفطرة المصرية:

إن حالي لعجيبٌ ... ما يُرى أعجب منه

كلُّ أرض لي فيها ... غائبٌ أسألُ عنه

أليس شاهداً على استبداد الأرواح بالقلوب، وإن تباعدت البلاد؟

أما بعد فهذه الكلمة تحية للروح التي يئست من وفائي، الروح التي ضَنَنتُ عليها بإعلان حبي، لتعيش في أمان من سفاهة الرقباء

يا مصدر الوحي، على رغم البعد واليأس، ويا روحاً هي الروح، ويا تحفة فنية صاغها الفنان المعبود، ويا من لا أسمِّي ولو سُئلتُ يوم الحساب في حضرة صاحب الجبروت، سلام عليك وألف سلام

أنت أمامي حيثما توجهت، وغضبك عليَّ أعذب من الرضوان يا مهاة لا تخطر إلا في البال

ثم أما بعد فأنا مؤمن باختلاف المعادن في الأرواح والقلوب، وروحك يا شقية هي الروح، وسبحان من لو شاء لجعلني من عينيك في أمان!

متى نلتقي على الشط، بالرمل، لأقول مع الشريف:

ولو قال لي الغادون ما أنت مشتهٍ ... غداة جزَعنا (الرمل) قلت أعود

قال بديع الزمان في المقامات على لسان أبي الفتح الإسكندري:

إسكندرية داري ... لو قرَّ فيها قراري

ويرى الأستاذ إسعاف النشاشيبي أنها إسكندرية مصر في مقال نشره بالرسالة وهو يحيي الشواربي باشا. ويرى الشيخ محمد عبده في شرح مقامات البديع أنها بلد بالأندلس، ورأيت بعيني وقلبي أن إسكندرية أبي الفتح بلد بالعراق

<<  <  ج:
ص:  >  >>