مادا يده إلى الملك:(اذكر أن حياتك دين لهذه اليد التي نجتك يوم كرانيكوس! وأصغ لصوت الحق الصراح، أو تجنب دعوة الأحرار إلى مأدبتك، واختص العبيد بصحبتك!)
اهتاج إسكندر لموقف كليتوس ولذكرى كرنيكوس وبرمنيون، فنهض يتحسس خنجره، فإذا الخنجر بعيد قد نحاه أحد الحاضرين. فينادي الحرس مغضبا هائجا ويأمر أن ينفخ في الصور إيذانا للجند، فما أطاع أحد أمر الملك الهائج النشوان، وتقدم نحوه بطليموس (وبردكاس) القائدان الكبيران فأحاطا به وأمسكا يده برفق يسكنان ثورته، ويكسران حدته، ويحيط آخرون بكليتوس يخرجونه من البهو، فيأبى أن يخرج فيعترف بأنه أساء واعتدى. ويقول إسكندر:(وا أسفاه! إن قوادي قد غلوني كما فعل بسوس بدارا. وإنما لي من الملك اسمه). ويتقدم إسكندر تلقاء كليتوس، ولا يجرؤ القواد أن يقفوه قسرا، ثم ينقض كالصاعقة فينتزع حربة من أحد الجند فيغمدها في صدر كليتوس الصديق القديم!
يرتاع الحاضرون. ويفيق إسكندر من نشوته وثورته وعنجهيته، فيفتح عينيه فإذا كليتوس طريح يضطرب في دمه.
خرج إسكندر من البهو يعدو إلى فراشه، فارتمى عليه ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب، يبكي بدموع عزت على الخطوب الشداد، وغلت في الحوادث السود. ويتمادى به البكاء، وكلما كفكف دمعه تمثل له صديقه طعينا بيده، ويلعن نفسه نادما، ويهتف باسم كليتوس وأخته لانيس، ثم يقول: ويلي! أنا الغادر الكنود. لقد جزيت كليتوس ولانيس شرا بما أحسنا ألي. لست بعد اليوم جديرا بالحياة.
ويجتمع إليه صحبه يعزونه. ويسوغون ما عمل، فلا يزداد الا حزنا واكتئابا وندما وأسفا، ويجتمع الجند المقدونيون فيجمعون على أن كليتوس قتل بحقه، وأنه ينبغي الا يدفن، فيغضب إسكندر ويقول: كلا! أنه سيدفن بأمري. ويأتي الكهنة فيقولون: أن الملك لم يقتل صديقه بيده، ولكنها نقمة من الإله (ديونسوس) أجراها على يد الملك انتقاما لنفسه بما حرم القربان في هذه المأدبة. ثم يأتي الفيلسوف (انكشر خوس) فيقول: أيها الملك أن الذي أنت فيه لعجز. وأنك أيها الملك العظيم والفاتح القاهر لجدير بأن تحل وتحرم وتحق وتبطل بإرادتك لا أن تخضع للقوانين التي سنها الناس. ثم يأتي كلستنوس الفيلسوف فيجهد أن يهون على الإسكندر ما فعل.