لا تكونوا مقابر توحي فكرة الخوف والخذلان، وكونوا آساداً توحي فكرة السيطرة والافتراس
القبر يوحي والأسد يوحي، فاختاروا الأفضل والاشرف من الوحيين
لا موت في الوجود ولا فناء
ولكن الميت قد يحيا، والحي قد يموت
أموركم بأيديكم، فاصنعوا بأنفسكم ومصايركم ما تريدون، فقد بلغت في نصحكم غاية ما أملك من عافية الروح وصراحة البيان
احترسوا من الأموات
وراء كل إنسان حي إنسان ميت يسوقه بعنف إلى مصاير فيها المقبول والمردود، تبعاً لما يملك الميت من آراء وأهواء
ومن غرائب ما يقع في القدوة الفكرية أن الناس في الأغلب لا يحترمون رأي المفكر إلا بعد أن يموت. هل التفت الناس إلى آراء الشيخ محمد عبده إلا بعد أن مات؟
إن الشيخ عبده كان يتندر بمعاصريه فيقول إنهم لا يحترمون غير الرأي المنصوص عليه في كتاب قديم بعد عهد صاحبه بالحياة ولأحياء
وغفلة بني آدم من هذه الناحية أوضح من أن تحتاج إلى بيان، فقد أشاع أبو نواس وأصحابه أن الخمر لا تجود إلا إن قدم عهدها بالوجود، ولهذا نجد تجار الخمر يعفرون الزجاجة بالتراب ليوهموا الغافلين أن جوهرها عتيق، كما كنا نرى في بعض مخازن الخمور بمدينة باريس
والقديم في الأدب هو الأصل، فقد مرت أزمان والناس يعتقدون أن أشعار الجاهليين أقوى وأبرع من أشعار الأمويين والعباسيين
القدم في عرف بني آدم يمنح صاحبه قدسية تفوق الوصف، وهو شارة من شارات النضج العبقري في الأشخاص وفي المعاني بسبب ما درج عليه الناس من احترام الأموات
أي العبارتين أقوى: عبارة قال القدماء، أو عبارة قال المعاصرون؟
وازنوا بين هاتين العبارتين من الوجهة النفسية لتصدقوني
وأي الحفظين أنفع في نظر المتأدبين: حفظ ديوان المتنبي، أم حفظ ديوان شوقي؟