وعفاريت الجن والسحراء والأفاعي والرخاخ الهائلة التي تحمل فراخها الفيلة، والتنانين الطائرة التي تنزع الأشجار وتحطم المدن وتجعل العامر يباباً داثرا
لشد ما تفزع الإنسانية يا ألف ليلة الحبيب بهذه الرؤى التي زحمت حولها عالم الحقيقة، فهبها كأسك السحرية مترعة لترسل بها إلى وادي أحلامك. . . وادي البدور والحور والعطور والبخور. . . وادي الأشجار والأزهار والأثمار والأطيار. . . الوادي الجميل الذي لا لغوب فيه ولا كروب ولا حروب. . . الوادي الأخضر السندسي الذي يستطيع كل شئ فيه أن يبتسم وأن يغني وأن يتكلم بلغة الموسيقا. . . لأن كل شئ فيه يستطيع أن يحب. . .
الوادي الذي تبتسم شطئانه، وتبغم غزلانه، وتغازل الأرواح ألوانه، وثلج الصدور ريعانه. . . نضر ريان، حلو فينان؛ حينما تدخله الإنسانية الباكية تطرح أشجانها، وتنسى عند بابه أحزانها، فتمشي فيه بقدميها الورديتين، اللتين أرهقهما المشي في تلك الطريق الجافة الجافية المضرجة بالدماء، تبكي أطفالها، وتضحك من رجالها. . . ولا من يرثي لحالها.
حينما يداعب الحب قلوب العشاق، لا يقنع إلا أن يترك فيها ندوباً يجري منها الدم. فتارة يلون هذا الدم خدود العذارى وثغورهن، إن كن رقيقات رحيمات. . . أما إن كن قاسيات عاتيات، لا قلوب لهن، فإنهن يتركن الدم الشهيد المسكين يسقط ليروي الأرض. وقد يمشين فيه ويتلاعبن فيه حتى يخضب أقدامهن وبنانهن، فيخيل للمخدوعين أنها وردية
ومن حسانك يا ألف ليلة الحبيب من يملأن دنياك مباهج ومسرة. إنهن أرأف بالمدنفين من النسيم الغزل بالزهرة الظامئة؛ حين يبل صداها بالرذاذ النحيل الذي تحمله أجنحته ذات الزغب فيطبعه كالقبل فوق أوراقها التي ترتعش
أولئك المحصنات المحسنات المحسنات يا ألف ليلة، اللائي يمهدون للإنسانية طريق الخير، ويبتن فيها الورود والرياحين وأفواف الزهر
ومن حسانك يا ألف ليلة من يشببن حرب الحياة جذعة. هن جميلات ذاك الجمال الفائز المتأجج الذي كل من مسه يحترق وجميع من دخل تيهه يضل، ولا بد لمن يضرب في بيدائه من التعاويذ والطلسمات والرقي. . . تلك البيداء المسبعة المحواة التي تعزف جنباتها الجن، وتفح الأفاعي، وتعربد الغيلان والسعالي. . .