للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو الهوان على أيدي أناس هم أخبر الناس بالهوان، ولا فرار من الموت إن وجب، ولكن البقاء للهوان إخلال بكل واجب يحرص عليه إنسان

وإلى أين الفرار؟ إلى وادي التيه الذي يرجع منه الغائب أو لا يرجع، ولكنه لا يدري أين يذهب ولا كيف يكون الرجوع

وليس هذا أفجع ما في الصفقة الفاجعة

بل أفجع من الليلة التي قبلها، أو هي ليلة المذبحة كما سميناها لأنها جرأة على الماضي تهون معها الجرأة على المستقبل، وعلى المجهول!

كل ما أتركه بعدي لا أباليه

الكتب يصنع الله بها ما يشاء. وما أكتم القارئ أنني على خطوة من إحراقها في كثير من الأوقات، غضباً على تكاليف المعرفة حيث يسعد الجهل بغير تكليف

وماذا اترك غير الكتب مما أباليه إن كنت أترك الكتب ولا أباليها!

هباء أو كالهباء!

إلا أوراقاً متفرقات فيها ودائع العمر التي يموت عنها الإنسان ولا تسخو نفسه بأن تموت قبله

وهي لا تنقل إلى حيث تفتح وتقرأ في مدخل كل أرض مطروقة، وهي لا تودع عند أحد كائناً من كان

فلا موئل لها أكرم من التمزيق، ثم نار الحريق

وانقضت ساعتان قبل تمزيق الورقة الأولى

ولم تنقض إلا دقائق قبل تمزيق الورقة الأخيرة، كالذي يأخذه التردد عند الضربة الأولى ثم يهيم به سعار الضرب بعدها فلا يبقي ولا يذر، ويضرب ويضرب حتى بكل ساعداه وتخلو كفتاه؛ ثم يستريح من فرط الإعياء وبهر السعار

وانجلت الثورة عن كومة من الورق كل قطعة منها موصولة بعرق ممزق، وشعل من النار لم تكن من قديم عهدها إلا شعلاً من النار، ولكنها حارت إلى رماد!

ويلك يا هتلر!

النار التي أشعلتها في العالم لا تنسى، ولا تنسى لك عندي هذه النار التي أشعلتها أنا بيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>