البريطانية تشترط موافقة الجمعية العمومية على كل تشريع مصري يراد سريانه على الاجانب، أما نحن فنكتفي بعدم اعتراض هذه الجمعية على التشريع المقدم إليها. والفرق ما بين الأمرين ظاهر، ففي الحالة الأولى يجب أن تكون هناك أغلبية توافق على التشريع حتى يسري على الاجانب، أما في الحالة الثانية فيجب أن تكون هناك أغلبية تعترض على التشريع حتى لا يسري على الأجانب، فإذا انقسمت الجمعية في أمر تشريع إلى فريقين متساويين في العدد، لم يسر التشريع على الأجانب في الحالة الأولى وسرى في الحالة الثانية. ولا يخفي ما لهذا الأمر من الأهمية إذا لوحظ أن نصف أعضاء الجمعية العمومية يجب أن يكون من المصريين كما سنبين ذلك فيما يلي. أما فيما يتعلق برفع الأمر إلى محكمة لاهاي، فهذا هو المبدأ الذي تقرر في المفاوضات التي دارت بين إنجلترا ومصر.
والقسم الثاني من هذه المقترحات جديد، وهو خاص بالتشريع العقاري وبلوائح البوليس. هذه تشريعات نريد ان نسترد فيها حقوق مصر الضائعة. فان للمشرع المصري حتى بمقتضى الامتيازات الأجنبية، الحق في أن يسن قوانين تسري على الأجانب، دون حاجة لموافقة الدول أو لموافقة الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف المختلطة، إذا كانت هذه القوانين خاصة بالعقارات في مصر، سواء أكانت هذه القوانين مالية (أي تفرض ضريبة عقارية) أم غير مالية. وذلك أن الأجانب لم يسمح لهم قانوناً بتملك عقار في مصر إلاعلى أساس الفرمان العثماني الصادر في سنة ١٨٦٧، وقد اشترط هذا الفرمان في تملك الأجنبي للعقار أن يخضع للقوانين واللوائح التي يخضع لها الرعايا العثمانيون، وأن يدفع جميع التكاليف والضرائب التي تجبى أو يمكن أن تجبى في المستقبل على العقارات في المدن أو في القرى، تحت أي شكل كانت، وبأي اسم سميت. فمن حق مصر أن تسترد هذا الحق الضائع، فإن اغتصابه منا خرق للامتيازات الأجنبية نفسها التي يحتج بها الأجانب علينا وكذلك الأمر في لوائح البوليس، فقد كان لمصر سن هذه اللوائح، وكانت تسري على الأجانب قبل وجود المحاكم المختلطة نفسها. وتأيد هذا الحق بنص المادة العاشرة من القانون المدني المختلط، وبنص المادتين ٣٣١ و ٣٤٠ من القانون الجنائي المختلط