الألحان، ولا أنعشتني لذة الوجدان، وما أطربني صداح الأغاني ولا هاجني لماح الأماني: إذ
كيف السرور وأنت نازحةُ ... عنّي وكيف يسوغ لي الطرب
أجل. لا شئ في الحياة يسري عني هموم الوصب إلا ورقاء حزينة هي مسلاة غرامي ومتنفس آلامي، تؤنسني في وحدتي، وتسليني في عزلتي، وشدوها سلوان خاطري وألحانها عزاء شاعر
فكأنها صاغت على ... شجوى شجا تلك اللحون
أواه! لقد جنت التأوهات من فرط جواها، وهامت اللهفات من فيض ضناها، ورفرفت أحلام الهوى العذري على الرمال الشقراء. فتغنى البحر بأنين الزفرات، وأنشد الموج على الصخر أناشيد العبرات. أخذت صخور الشاطئ تبكي وتنتحب رحمة بي وشفقة علي، وترقرقت القطرات على خدها كحبات لؤلؤ وضاح. فغاض الأسى بجفوني، وفاضت مدامعي عقيقاً وتهللت على الخدين والنحر. . .
علّ ماء الدموع يخمد ناراً ... من جوىّ الحب أو يبل غليلاً
أجل إنه لسراب يخدع النظر، وعبث لا ينيل الوطر! حقاً إنه خداع كاذب ووهم باطل اعتراني في حمى قطيعة لا تجدي نفعاً إذ علام الحياة في خراب مقفر، وباب موحش، أمل امتلاك ناصية ضالة خادعة!؟
أسجناً وقيداً، واشتياقاً وغربة ... ونأي حبيب إن ذا لعظيم
لكن! كيف المفر من ذكريات أضنت صباي وأضاعت مناي؟! كيف النجاة من طيفك يا قاسية؟ إنك قد نزلت من مهجتي في كل مكان؛ وغداً خيالك يتمثل لناظري ويسبح في خاطري، ويسطو على مشاعري ويهيج سرائري!
خيالك في عيني وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فأين تغيب