وقد انعتقت منها وانصرفت عنها. ألست أعمل نهاري المتصل ليميتني الليل، وأجهد شمسي الطالعة ليواريني المساء، وأنطلق مع الغراب المبكر كيما أنسى بعد في العتمة كل شيء. ما شأن هذه الأحلام تراودني عن نفسي، فتطرقني منذ أيام، وتنشر في مسائي الكالح أفقاً وردياً زاهياً، وتبعث في ليلي البهيم أضواء رفافة نيرة، وترسم على غبش العتمة أنوار النجم. أتراها تود أن تؤرقني فلا أغفى، وأن تهزني فلا أغفل، وأن تعتادني فلا أجد الهدوء!. . . أتراها تملك أن تفسد علي راحتي التي لا تحس فيها بالحس الذي لا راحة معه، واطمئناني الذي لا شعور فيه بشعور لا اطمئنان معه، وما عساها تبتغي مني، وإنها لتعلم أن الدنيا قد جعلت مني غير الذي عهدت في: لا هزة الطروب، ولا رفة المرح، ولا استيفاز الشاعر. فقد ذهبت الحياة بالهزة والرفيف والحس المستوفز. وما يكون للذين تضطرهم الحياة أن تذهب بنفوسهم في سبيل العبء الذي لا بد منه، والعيش الذي لا مناص من تداركه إلا أن يرتقبوا اليوم القريب والساعة الدانية
لا يا أماني التي تزدهر الساعة في خاطري! ما كان لي أن أغفل عن ى الماضي، أو أنصرف عن العهود، أو أهدر هذه الفترة الحلوة من حياتي القريبة. وإنما هي ويلات الحاضر التي لا بد من النجاة منها، وضرورات الواقع التي لا بد من الاضطراب فيها
أن تكاتف السحاب لا تذهب بنور الشمس، وأن قتام الضباب لا يحول دون إيماضة البرق؛ وإنما يتفتح الشتاء القاسي - بإرادة الله - عن الربيع المتدفق