ذهبت تنتقي الحسنه فقط فإنه لا يبقى لك لأن كل إنسان يأتي منه الخير والشر، فلا بد من احتمال هذا وهذا من الصديق إذا أردت أن يبقى صديقاً
وأما العمرية فإن حافظاً نظم وتصرف في عبارة التاريخ فجاء بعض كلامه موهوماً معاني غير صحيحة. والقصة التي أشار إليها يمكن أن يؤخذ منها كما هي في نظمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع الغناء ويشهد الرقص النسائي. وكان أضعف في الدين من عمر، وكان وكان الخ: ولكن القصة في نفسها لا تفيد شيئاً من هذا كله. فالرواية أن جاريه سوداء جاءت النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف من بعض مغازيه فقالت: أني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف. قال: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا. فجعلت تضرب، فلما دخل عمر ألقت الدف وجلست عليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر. فلم يفر الشيطان ولكنه خاف أو كأنه خاف. ولا يخفى أن اللهو من الشيطان؛ فهي عبارة مجازية. وأنت ترى أنها جاريه سوداء، وأنها لم تفعل شيئاً إلا الضرب بالدف. وكان هذا من عادات سائر العرب إذا انقلب أبطالهن من الغزو، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للجارية إلا لتوفي نذرها لا غير. فأي شيء في هذا كله؟
وبالجملة فإن حافظاً إنما نظم تاريخاً موضوعاً وكان خليقاً به أن يضع تاريخاً جديداً كما يكتب رجل مثل كارليل في كتاب الأبطال أو نحو ذلك
أما الكلام في باقي القصيدة فليس من شأني أن أخوض فيه. ولعل السيد البرقوقي يكفيك إذا وفى بما وعد قراءه والسلام عليكم ورحمة الله.