أما جواب محمد عبده فهو جواب محمد عبده، جواب فلاح مصري شريف يؤازر أنصاره ولو تألبت عليهم الأرض والسماء
مضيت عصر يوم لتنسم الهواء بحديقة الجزيرة فوجدت الشيخ عبد الرحمن قراعة هناك، وكانت الشيخوخة لا ترحم يديه من الارتعاش، فدار بيني وبينه حديث وأحاديث، وجاءت قصة الشيخ محمد عبده فقال:
- هل تعرف أن الشيخ عبده لم يعز أحداً كما أعزني؟
- وكيف؟
- لأني زرته أيام اعتقاله بعد انهزام الثورة العرابية
- ولتلك الزيارة تلك هذه القيمة؟
- أنا وجهت إليه هذا السؤال فكان جوابه أن هذه التفاتة لا ينساها كرام الرجال
ماذا أريد أن أقول؟
زيارة عابرة للشيخ محمد عبده في معتقله تقرر في نفسه هذا الحق، فكيف يكون نصيب الشيخ رشيد من نفسه وهو يرفع العلم لآرائه في كل مكان؟
أترك هذا وأذكر أن قول الشيخ مصطفى بأن تاريخ الشيخ عبده لم يدون على الوجه الصحيح ليس معناه اتهام الشيخ رشيد، ولكن معناه أن تاريخ الشيخ عبده روعيت في تدوينه أشياء من الاعتبارات السياسية، وهي اعتبارات يراعيها أكثر الباحثين في التاريخ الحديث، وعلى الأستاذ مصطفى باشا أن يحررها بقلمه إن تناسى أنه من السياسيين!
أما قول السيد عاصم بأن السيد رشيد لم يجد من يترجم له بعد أن يموت فجوابه حاضر: ذلك بأن الشيخ رشيد رضا ترجم لنفسه بنفسه، ولم يمت إلا بعد أن إن كتب سطور حياته في صفحات الخلود.